167

احکام قرآن

أحكام القرآن لابن العربي

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الثالثة

سال انتشار

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

محل انتشار

بيروت - لبنان

[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى الْحَجُّ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْحَجُّ: وَهُوَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْقَصْدِ، وَخَصَّهُ الشَّرْعُ بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ وَبِمَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ عَلَى وَجْهٍ مُعَيَّنٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ، وَقَدْ كَانَ الْحَجُّ مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَرَبِ، لَكِنَّهَا غَيَّرَتْهُ، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ حَقِيقَتَهُ، وَأَعَادَ عَلَى مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ ﵇ صِفَتَهُ، وَحَثَّ عَلَى تَعَلُّمِهِ، فَقَالَ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ».
[مَسْأَلَةٌ الْعُمْرَةُ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْعُمْرَةُ: وَهِيَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الزِّيَارَةِ، وَهِيَ فِي الشَّرِيعَةِ عِبَارَةٌ عَنْ زِيَارَةِ الْبَيْتِ، خَصَّصَتْهُ الشَّرِيعَةُ بِبَعْضِ مَوَارِدِهِ، وَقَصَرَتْهُ عَلَى مَعْنًى مِنْ مُطْلَقِهِ، عَلَى عَادَتِهَا فِي أَلْفَاظِهَا عَلَى سِيرَةِ الْعَرَبِ فِي لُغَاتِهَا، وَقَدْ بَيَّنَهَا النَّبِيُّ ﷺ بَيَانَ الْحَجِّ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وُجُوبُ الْعُمْرَةِ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الْعُمْرَةِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هِيَ وَاجِبَةٌ، وَيُؤْثَرُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: هِيَ تَطَوُّعٌ، وَإِلَيْهِ مَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ.
وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ حُجَّةٌ لِلْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إنَّمَا قَرَنَهَا بِالْحَجِّ فِي وُجُوبِ الْإِتْمَامِ لَا فِي الِابْتِدَاءِ، فَإِنَّهُ ابْتَدَأَ إيجَابَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣].
وَابْتَدَأَ بِإِيجَابِ الْحَجِّ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا﴾ [آل عمران: ٩٧].
وَلَمَّا ذَكَرَ الْعُمْرَةَ أَمَرَ بِإِتْمَامِهَا لَا بِابْتِدَائِهَا، فَلَوْ حَجَّ عَشْرَ حِجَجٍ أَوْ اعْتَمَرَ عَشْرَ عُمَرَ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ فِي جَمِيعِهَا، وَإِنَّمَا جَاءَتْ الْآيَةُ لِإِلْزَامِ الْإِتْمَامِ لَا لِإِلْزَامِ الِابْتِدَاءِ، وَقَدْ مَهَّدْنَا الْقَوْلَ فِيهَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.

1 / 169