احکام قرآن
أحكام القرآن لابن العربي
ناشر
دار الكتب العلمية
ویراست
الثالثة
سال انتشار
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمْت الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ، فَسَأَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ: مَتَى رَأَيْته؟ فَقُلْت: لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: أَنْتَ رَأَيْته؟ قُلْت: نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ قَالَ: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَقُلْت لَهُ: أَوَلَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ؟ قَالَ: لَا؛ هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ».
وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا، فَقِيلَ: رَدَّهُ؛ لِأَنَّهُ خَبَرُ وَاحِدٍ، وَقِيلَ: رَدَّهُ؛ لِأَنَّ الْأَقْطَارَ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْمَطَالِعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ كُرَيْبًا لَمْ يَشْهَدْ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ حُكْمٍ ثَبَتَ بِشَهَادَةٍ؛ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْحُكْمَ الثَّابِتَ بِالشَّهَادَةِ يُجْزَى فِيهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ؛ وَنَظِيرُ مَا لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَهَلَّ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِأَغْمَاتَ، وَأَهَلَّ بِإِشْبِيلِيَّةَ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَيَكُونُ لِأَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتُهُمْ؛ لِأَنَّ سُهَيْلًا يُكْشَفُ مِنْ أَغْمَاتَ وَلَا يُكْشَفُ مِنْ إشْبِيلِيَّةَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ.
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ﴾ [البقرة: ١٨٥]: مَعْنَاهُ عِدَّةُ الْهِلَالِ، كَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
1 / 121