احکام قرآن
أحكام القرآن لابن العربي
ناشر
دار الكتب العلمية
ویراست
الثالثة
سال انتشار
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
بِالتَّحَمُّلِ عَنْ الْأَهْلِ وَالْوَطَنِ، وَإِنَّمَا الْمُعَوَّلُ فِي تَحْقِيقِ السَّفَرِ عَلَى الْمَبِيتِ فِي غَيْرِ الْمَنْزِلِ، ثُمَّ التَّحْدِيدُ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا، أَوْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا مَرَاحِلُ لَا تُدْرَكُ بِتَحْقِيقٍ أَبَدًا، وَإِنَّمَا هِيَ ظُنُونٌ؛ فَرَجُلٌ احْتَاطَ وَزَادَ، وَرَجُلٌ تَرَخَّصَ، وَرَجُلٌ تَقَصَّرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ]
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ:
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤]: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: هَذَا الْقَوْلُ مِنْ لَطِيفِ الْفَصَاحَةِ، لِأَنَّ تَقْرِيرَهُ: فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦] تَقْدِيرُهُ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ.
وَقَدْ عُزِيَ إلَى قَوْمٍ: إنْ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ قَضَاهُ، صَامَهُ أَوْ أَفْطَرَهُ، وَهَذَا لَا يَقُولُ بِهِ إلَّا ضُعَفَاءُ الْأَعَاجِمِ؛ فَإِنَّ جَزَالَةَ الْقَوْلِ وَقُوَّةَ الْفَصَاحَةِ تَقْتَضِي " فَأَفْطَرَ " وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: «الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» قَوْلًا وَفِعْلًا. وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي شَرْحِ الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤]: يُعْطِي بِظَاهِرِهِ قَضَاءَ الصَّوْمِ مُتَفَرِّقًا، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ، مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ.
وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّتَابُعُ فِي الشَّهْرِ لِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا، وَقَدْ عُدِمَ التَّعْيِينُ فِي الْقَضَاءِ فَجَازَ بِكُلِّ حَالٍ.
1 / 112