احکام قرآن
أحكام القرآن
پژوهشگر
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
ناشر
دار إحياء التراث العربي
محل انتشار
بيروت
ژانرها
تفسیر
أفطر)
ولا خلاف في أنه إذا غابت الشمس فقد انقضى وقت الصوم وجاز للصائم الأكل والشرب والجماع وسائر ما حظره عليه الصوم
وقوله ﷺ (إذا غابت الشمس فقد أفطر الصائم)
يوجب أن يكون مفطرا بغروب الشمس أكل أو لم يأكل لأن الصوم لا يكون بالليل ولذلك نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عن الوصال لأنه يترك الطعام والشراب وهو مفطر والوصال أن يمكث يومين أو ثلاثة لا يأكل شيئا ولا يشرب فإن أكل أو شرب في أى وقت كان شيئا قليلا فقد خرج من الوصال
وقد روى ابن الهاد عن عبد الله بن خباب عن أبى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْوِصَالِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّكَ تُوَاصِلُ فَقَالَ (إنَّكُمْ لَسْتُمْ كَهَيْئَتِي إنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِي فَأَيُّكُمْ وَاصَلَ فَمِنْ السَّحَرِ إلَى السَّحَرِ)
فَأَخْبَرَ أَنَّهُ إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ سحرا فهو غير مواصل وأخبر ﷺ أَنَّهُ لَا يُوَاصِلُ لِأَنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُ وَيَسْقِيه
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ قِيلَ لَهُ إنَّك تُوَاصِلَ فَقَالَ (إنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي)
ومن الناس مَنْ يَقُولَ إنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ مَخْصُوصًا بِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ دُونَ أُمَّتِهِ وَقَدْ أخبر ﷺ أَنَّ اللَّهُ يُطْعِمُهُ وَيَسْقِيهِ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَمْ يُوَاصِلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
بَابُ الِاعْتِكَافِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ] وَمَعْنَى الِاعْتِكَافِ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ هُوَ اللَّبْثُ قَالَ اللَّهُ [مَا هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ] وقال تعالى [فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ] وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
فَبَاتَتْ بَنَاتُ اللَّيْلِ حَوْلِي عُكَّفًا ... عُكُوفَ الْبَوَاكِي بَيْنَهُنَّ صَرِيعُ
ثُمَّ نُقِلَ فِي الشَّرْعِ إلَى مَعَانٍ أُخَرَ مَعَ اللَّبْثِ لَمْ يَكُنْ الِاسْمُ يَتَنَاوَلُهَا فِي اللُّغَةِ مِنْهَا الْكَوْنُ فِي الْمَسْجِدِ وَمِنْهَا الصَّوْمُ وَمِنْهَا تَرْكُ الْجِمَاعِ رَأْسًا وَنِيَّةُ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ ﷿ وَلَا يَكُونُ مُعْتَكِفًا إلَّا بِوُجُودِ هَذِهِ الْمَعَانِي وَهُوَ نَظِيرُ مَا قُلْنَا فِي الصَّوْمِ إنَّهُ اسْمٌ لِلْإِمْسَاكِ فِي اللُّغَةِ ثُمَّ زِيدَ فِيهِ مَعَانٍ أُخَرُ لَا يَكُونُ الْإِمْسَاكُ صَوْمًا شَرْعِيًّا إلَّا بِوُجُودِهَا وَأَمَّا شَرْطُ اللَّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ لِلرِّجَالِ خَاصَّةً دُونَ النِّسَاءِ وَأَمَّا شَرْطُ كَوْنِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الِاعْتِكَافِ فَالْأَصْلُ فِيهِ قوله ﷿ [وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ] فَجَعَلَ مِنْ شَرْطِ الِاعْتِكَافِ الْكَوْنَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يَجُوزُ الاعتكاف فيه
1 / 301