222

احکام قرآن

أحكام القرآن

پژوهشگر

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

ناشر

دار إحياء التراث العربي

محل انتشار

بيروت

الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ تَقْدِرَا عَلَى الصَّوْمِ فَهُمَا مِثْلُ الْمَرِيضِ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ بِلَا كَفَّارَةٍ وَرُوِيَ عَنْهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّ الْحَامِلَ لَا إطْعَامَ عَلَيْهَا وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَقَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ إذَا أَفْطَرَتَا وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ بِلَا قَضَاءٍ وَقَالَ ابْنُ عُمَرُ وَمُجَاهِدٌ عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ وَالْقَضَاءُ وَالْحُجَّةُ لِأَصْحَابِنَا مَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الواسطي قال حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن اليمان قال حدثنا أبو عبيد الْقَاسِمِ بْنُ سَلَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ هَذَا الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ هَلْ لَكَ فِي صَاحِبِ الْحَدِيثِ الَّذِي حَدَّثَنِي قَالَ فَدَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَقِيتُهُ فَقَالَ حَدَّثَنِي قَرِيبٌ لِي يُقَالُ لَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي إبِلٍ لِجَارٍ لِي أُخِذَتْ فَوَافَقْتُهُ وَهُوَ يَأْكُلُ فَدَعَانِي إلَى طَعَامِهِ فَقُلْتُ إنِّي صَائِمٌ فَقَالَ إذًا أُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَعَنْ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ قَالَ فَكَانَ يَتَلَهَّفُ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ أَلَا أَكُونُ أَكَلْت مِنْ طَعَامِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِينَ دَعَانِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ شَطْرُ الصَّلَاةِ مَخْصُوصٌ بِهِ الْمُسَافِرُ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ الْحَمْلَ وَالرَّضَاعَ لَا يُبِيحَانِ قَصْرَ الصَّلَاةِ وَوَجْهُ دَلَالَتِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا إخْبَارُهُ ﵇ بِأَنَّ وَضْعَ الصَّوْمِ عَنْ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ هُوَ كَوَضْعِهِ عَنْ الْمُسَافِرِ أَلَا تَرَى أَنَّ وَضْعَ الصَّوْمِ الَّذِي جَعَلَهُ مِنْ حُكْمِ الْمُسَافِرِ هُوَ بِعَيْنِهِ جَعْلُهُ مِنْ حُكْمِ الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ لِأَنَّهُ عَطَفَهُمَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ ذِكْرِ شَيْءٍ غَيْرَهُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ وَضْعِ الصَّوْمِ عَنْ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ هُوَ فِي حُكْمِ وَضْعِهِ عَنْ الْمُسَافِرِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَضْعَ الصَّوْمِ عَنْ الْمُسَافِرِ إنَّمَا هُوَ عَلَى جِهَةِ إيجَابِ قَضَائِهِ بِالْإِفْطَارِ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمَ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ إذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدَيْهِمَا إذْ لَمْ يَفْصِلْ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَهُمَا وَأَيْضًا لَمَّا كَانَتْ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ يُرْجَى لَهُمَا الْقَضَاءُ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُمَا الْإِفْطَارُ لِلْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ أَوْ الْوَلَدِ مَعَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَا كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ فَإِنَّ احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِإِيجَابِ الْقَضَاءِ وَالْفِدْيَةِ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ] لَمْ يَصِحَّ لَهُمْ وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ عَلَى مَا ادَّعَوْهُ وَذَلِكَ لِمَا رَوَيْنَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فَرْضَ الْمُقِيمِ الصَّحِيحِ وَأَنَّهُ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الصِّيَامِ وَالْفِدْيَةِ وَبَيَّنَّا أَنَّ مَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ فَلَيْسَ الْقَوْلُ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ الرَّأْيِ وَإِنَّمَا يَكُونُ

1 / 224