احکام قرآن
أحكام القرآن
پژوهشگر
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
ناشر
دار إحياء التراث العربي
محل انتشار
بيروت
فِيهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِالْمُسَاوَاةِ فِي الْأَنْفُسِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِيمَا دُونَهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ عَشَرَةً لَوْ قَتَلُوا وَاحِدًا قُتِلُوا بِهِ ولم تعتبر المساواة وكذلك لَوْ أَنَّ رَجُلًا صَحِيحَ الْجِسْمِ سَلِيمَ الْأَعْضَاءِ قَتَلَ رَجُلًا مَفْلُوجًا مَرِيضًا مُدْنَفًا مَقْطُوعَ الْأَعْضَاءِ قُتِلَ بِهِ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ مَعَ نُقْصَانِ عَقْلِهَا وَدِينِهَا وَدِيَتُهَا نَاقِصَةٌ عَنْ دِيَةِ الرَّجُلِ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنْ لَا اعْتِبَارَ بِالْمُسَاوَاةِ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ فِي الْأَنْفُسِ وَأَنَّ الْكَامِلَ يُقَادُ مِنْهُ لِلنَّاقِصِ وَلَيْسَ ذَلِكَ حُكْمَ مَا دون النفس لأنهم لا يختلفون في أَنَّهُ لَا تُؤْخَذُ الْيَدُ الصَّحِيحَةُ بِالشَّلَّاءِ وَتُؤْخَذُ النَّفْسُ الصَّحِيحَةُ بِالسَّقِيمَةِ
وَرَوَى اللَّيْثُ عَنْ الْحَكَمِ أَنَّ عَلِيًّا وَابْنَ مَسْعُودٍ قَالَا مَنْ قَتَلَ عَبْدًا عَمْدًا فَهُوَ قَوَدٌ
. بَاب قَتْلِ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي قَتْلِ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ فَقَالَ قَائِلُونَ وَهُمْ شَوَاذٌّ يُقْتَلُ بِهِ وَقَالَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ لَا يُقْتَلُ بِهِ فَمَنْ قَتَلَهُ احْتَجَّ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ] عَلَى نَحْوِ مَا احْتَجَجْنَا بِهِ فِي قَتْلِ الحر بالحر وقوله [النَّفْسَ بِالنَّفْسِ] وقوله [فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ]
وقوله ﷺ (الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ)
وقد روى حديث عن سمرة ابن جندب عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ (مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ جَدَعَ عَبْدَهُ جَدَعْنَاهُ)
أَمَّا ظَاهِرُ الْآيِ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ الْقِصَاصَ فِيهَا لِلْمَوْلَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى [وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطانًا] وَوَلِيُّ الْعَبْدِ هُوَ مَوْلَاهُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَمَا يَمْلِكُهُ فَهُوَ لِمَوْلَاهُ لَا مِنْ جِهَةِ الْمِيرَاثِ لَكِنْ مِنْ جِهَةِ الْمِلْكِ فَإِذَا كَانَ هُوَ الْوَلِيَّ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْقِصَاصُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَتَلَ وَارِثَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَلَا يَرِثُهُ لِأَنَّ مَا يَحْصُلُ لِلْوَارِثِ إنَّمَا يَنْتَقِلُ عَنْ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ إلَيْهِ وَالْقَاتِلُ لَا يَرِثُ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِغَيْرِهِ وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فَيَنْتَقِلُ إلَى مَوْلَاهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ ابْنُ الْعَبْدِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْقِصَاصُ عَلَى قَاتِلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ فَكَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْقِصَاصُ عَلَى غَيْرِهِ وَمَتَى وَجَبَ لَهُ الْقَوَدُ عَلَى قَاتِلِهِ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ مَوْلَاهُ دُونَهُ فَلَمْ يَجُزْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ إيجَابُ الْقِصَاصِ عَلَى مَوْلَاهُ بِقَتْلِهِ إيَّاهُ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى [ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ] فَنَفَى بِذَلِكَ مِلْكَ الْعَبْدِ نَفْيًا عَامًّا عَنْ كُلَّ شَيْءٍ فَلَمْ يَجْزِ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنَّهُ مِلْكٌ لغيره والمولى
1 / 169