161

احکام قرآن

أحكام القرآن

ویرایشگر

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

ناشر

دار إحياء التراث العربي

محل انتشار

بيروت

ژانرها

تفسیر
الْوُجُوبَ إذْ مِنْ الْحُقُوقِ مَا هُوَ نَدْبٌ وَمِنْهَا مَا هُوَ فَرْضٌ
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي حدثنا أحمد ابن حَمَّادِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الضَّبِّيِّ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (نَسَخَتْ الزَّكَاةُ كُلَّ صَدَقَةٍ)
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُسَيِّبُ بْنُ شَرِيكٍ عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نَسَخَتْ الزَّكَاةُ كُلَّ صَدَقَةٍ
فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فَسَائِرُ الصَّدَقَاتِ الْوَاجِبَةِ مَنْسُوخَةٌ بِالزَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ ﷺ لِجَهَالَةِ رَاوِيهِ فَإِنَّ حَدِيثَ عَلِيٍّ ﵇ حَسَنُ السَّنَدِ وَهُوَ يُوجِبُ أَيْضًا إثْبَاتَ نَسْخِ الصَّدَقَاتِ الَّتِي كَانَتْ وَاجِبَةً بِالزَّكَاةِ وَذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ طَرِيقِ التَّوْقِيفِ فَيُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّ مَا قَالَهُ عَلِيٌّ هُوَ بِتَوْقِيفٍ مِنْ النَّبِيِّ ﷺ إيَّاهُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَنْسُوخُ مِنْ الصَّدَقَاتِ صَدَقَاتٍ قَدْ كَانَتْ وَاجِبَةً ابْتِدَاءً بِأَسْبَابٍ مِنْ قِبَلِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْتَضِي لُزُومَ إخْرَاجِهَا ثُمَّ نُسِخَتْ بِالزَّكَاةِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى [وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ] وَنَحْوَ مَا رُوِيَ فِي قَوْله تَعَالَى [وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ] أَنَّهُ مَنْسُوخٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ بِالْعُشْرِ وَنِصْفِ الْعُشْرِ فَيَكُونُ الْمَنْسُوخُ بِالزَّكَاةِ مِثْلَ هَذِهِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ فِي الْمَالِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةِ وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي تَلْزَمُ مِنْ نَحْوِ الْإِنْفَاقِ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ التَّكَسُّبِ وَمَا يَلْزَمُ مِنْ إطْعَامِ الْمُضْطَرِّ فَإِنَّ هَذِهِ فُرُوضٌ لَازِمَةٌ ثَابِتَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ بِالزَّكَاةِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عِنْدَ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ وَلَمْ تُنْسَخْ بِالزَّكَاةِ مَعَ أَنَّ وُجُوبَهَا ابْتِدَاءً مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِسَبَبٍ مِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ لَمْ تَنْسَخْ صَدَقَةَ الْفِطْرِ
وَقَدْ رَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا فُرِضَتْ الزَّكَاةُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ وَلَمْ يَنْهَهُمْ وَكَانُوا يُخْرِجُونَهَا
فَهَذَا الْخَبَرُ لَوْ صَحَّ لَمْ يَدُلَّ عَلَى نَسْخِهَا لِأَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ لَا يَنْفِي بَقَاءَ وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَعَلَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنَّ فَرْضَ الزَّكَاةِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى صَدَقَةِ الْفِطْرِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ السَّلَف فِي أَنَّ حم السَّجْدَةَ مَكِّيَّةٌ وَأَنَّهَا مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ وَفِيهَا وَعِيدُ تَارِكِ الزَّكَاةِ عِنْدَ قوله [وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ] وَالْأَمْرُ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ إنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الزَّكَاةِ مُتَقَدِّم لِصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ

1 / 163