احادیث المازنی
أحاديث المازني
ژانرها
وإذا كان لابد من النحو فليكن ذلك عرضا وأثناء القراءة وعلى سبيل الشرح وللاستعانة به على الفهم. وعلى ألا يكون ذلك درسا مستقلا يؤدى فيه امتحان.
أما الطريقة التي يتعلم بها أبناؤنا العربية فإني أراها مقلوبة لأنها تبدأ بما يجب الانتهاء إليه ومن ذا الذي يتصور أن صبيا صغيرا يستطيع ان يفهم ما الفعل وما الاسم وما الحرف وإن هذا يكون حكمه كيت وكيت وذاك يجري عليه كذا وكذا وأن هذه الفتحات والضمات والكسرات علامات إعراب أو لا أدري ماذا هي، وأن لفظا يكون مسندا ولفظا آخر يكون مسندا إليه إلى آخر هذه الألغاز التي لا يعقل أني يدركها طفل صغير، بل غني أنا الكبير أردت منذ أيام أن أراجع شيئا فى النحو ففتحت كتابا وقرأت فيه شيئا ثم وضعته يائسا من الفهم ولجأت إلى وسيلة أخرى كانت أجدى علي من هذا الكلام الذي أراه لا يفهم وذلك أني كتبت الوجهين اللذين حرت بينهما واختلط علي الأمر فيهما فلم أعد أدري أيهما الصواب وأيهما الخطأ ثم ذهبت أنظر إليهم فالذي سكنت إليه نفسي أخذت به وتبينت بعد ذلك أن ما أخذت به كان هو الصحيح وأن عيني لم تخدعني وأن نفسي إنما اطمأنت إلى ما طال عهدها به من الصواب أما ما لم تألفه أثناء مطالعتي فقد رفضته.
والطريقة التي أشير بها تجعل العربية سليقة على خلاف ما هو حاصل الآن فإن أبناءنا يتعلمون العربية كما يتعلمون الإنجليزية أو أية لغة أجنبية أخرى لا يشعرون بصلة بينها وبين نفوسهم وكثيرا ما يتفق أن يخرج التلميذ وهو أعرف باللغة الأجنبية منه بالعربية. وليس بعد هذا فشل والعياذ بالله.
واسأل من شئت فلن تجد أحدا لا يقول لك أن اللغة العربية انحطت - أعني ضعف العلم بها - في هذا الجيل ولست أعرف لهذا سببا إلا أن التلاميذ لا يتعلمون اللغة وإنما يحفظون نحوا وصرفا وبلايا كثيرة أخرى مثل البلاغة إلخ لا تعلمهم اللغة وإنما تبغضها إليهم فإذا كان التبغيض هو الغاية المنشودة فلا شك أن المعلمين قد وفقوا إلى ما لا مزيد عليه. أما إذا كان الغرض هو التعليم فخير الأساليب هو الأسلوب الطبيعي الذي يتعلم به الطفل الكلام.
الفصل الخامس عشر
القطط
القط حيوان مغرور جدا. وله العذر يا أخي والله.. ولو أن أمة من الأمم بدا لها في عصر من العصور أن تعبد أجدادي أو أن تعتقد أن روح الله حالة في أجسادهم لكنت حقيقا أن أزهي وأتكبر وأتغطرس وأرفع رأسي حين أكلم الناس وأزم بأنفي وأتبجح عليهم بما ليس عندي وأتمدح بما ليس في وأكون على العموم - وباختصار - نفاجا فياشا، إذا كنت تفهم ما أعني!
ولست أتخذ القط ولا أحبها أو أطيقها لأن آبائ لم يكونوا ممن عبدوها وآمنوا بحلول روح الله فيها إن كانوا قد عبدوا في جاهليتهم ما هو أحط منها في مراتب الحياة - الأصنام والحجارة - ولكنك تكفر بالحجر فتكسره وتفرغ من أمره، أما القطط فتفيء في أمرها إلى الرشد ولكنها هي لا ترشد أبدا ولا يفارقها الغرور العظيم الذي داخلها مذ رأت نفسها معززة مكرمة - بل معبودة - بلا موجب فالبلاء لهذا مقيم والمصيبة خالدة والعياذ بالله.
ومن غرور القطط أنه لا يستأنس أبدا - يسكن بيتك ويأكل طعامك، برضاك أو على الرغم منك ومع ذلك لا يكون معك إلا على حرف.. تمسح له شعره فيثني أرجله تحته ويرخي جفنيه ويروح يزوم أو «يقرأ» كما يقول العوام فكأنك تستلم حجرا مقدسا من فرط ما يكون من انصراف هذا الحيوان المتكبر عنك، وتدغدغه فلا يعني بأن ينظر إليك ليرى من أنت - أغريب أم صاحبه الذي يطعمه ويؤويه - بل ينحني عليك بأظافر يده وبفمه في آن معا. وتقدم له اللقمة فينظر إليها شزرا ويعرض عنها محتقرا ويحول رأسه عنك بكبر دونه كبر وترفع لا يطاق حتى لكأنك تغلو في حضرة البابا. فإذا كان ما تعرضه عليه لحما أو سمكا أهوى عليه بأسنانه وهو معبس متجهم وانتزعه منك كأنما أنت تدنسه بلمسه أو حمله.
ولا يكون معك أبدا إلا متحرزا متوثبا متوقعا منك الغدر ومتهيئا لمباغتتك بالخيانة. وليس أطغى منه ولا أغلظ كبدا.
صفحه نامشخص