واتسعت أطراف المذهب حتى وجد فيه من يؤمن إيمان كركجرد ومن ينكر وجود الله ولا يرى في الكون ظاهرة إلهية على الإطلاق، ولكنهم كانوا على التقاء في بعض المسائل المتشابهة لا تخفي الصلة بينها وبين الوجودية في جوهرها الصميم.
فجميع الفلاسفة الوجوديين قليلو التعويل على «معنى عقلي» يفسرون به الحياة، متبرمون بالمقررات المنطقية والعلمية وسائر المقررات التي ترجع بالأمر إلى سلطان أو نظام.
وجميعهم معتصمون بتجارب النفس ودوافع السريرة التي تستقل بها الشخصية الإنسانية في جهادها الباطني ونزوعها الدائم نحو التوفيق بينها وبين مشكلات الوجود الكبرى.
ومعظمهم يوصي بتماسك الأخلاق ومقابلة الحيرة النظرية بالعمل الخلقي وتجريد النفس في جملتها لكفاح الحياة.
ولم تنقض على الحرب العالمية الأولى أربع سنوات حتى ظهر المذهب في فرنسا واشتغلت به الطبقة التي بلغت من الثقافة ومن الذوق الفني أن تبحث لها عن فلسفة للوجود تملأ بها فراغ الضمائر من العقائد الروحانية في عصرنا الحديث.
لكن الوجودية لم تزل في فرنسا بدعة مقصورة على فئة عليلة من طلاب الغرائب، إلى أن كانت الحرب العالمية الثانية ومنيت فيها فرنسا بتلك الهزيمة النكراء. فثارت على المادية الشيوعية وعلى الروحانية التقليدية في وقت واحد واندفعت فيها بين الطبقة الوسطى دفعة جامحة إلى الإيمان بالحرية الديمقراطية، ولكنه الإيمان الذي لا يدين بالسلطان لرياسة مقررة أو هيئة من الهيئات.
وأعلام هذه المدرسة في فرنسا هم: جان بول سرتر
Sartre
وألبرت كاموس
Albert Camus
صفحه نامشخص