أما الهنة الثالثة وهى الاخيرة فهى شك الدكتور فيما رويناه من أن أبا هريرة كان يأكل المضيرة عند معاوية ويصلى خلف على - وكيف يفعل أبو هريرة . ذلك ويأمن على نفسه من أن يتهمه أحد الفريقين بالنفاق والتجسس ! . وإنى قبل كل شئ أقول إن هذا الخبر قد ورد في مصادر كثيرة للمؤرخين وكبار العلماء مثل : شذرات الذهب للعماد الحنبلى ، والسيرة الحلبية لبرهان الدين الحلبي ، والزمخشري في ربيع الابرار وأساس البلاغة ، وبديع الزمان الهمذانى الذى لم يكن من كبار الكتاب فحسب وإنما كان كما يعلم من تاريخه ثقة في الحديث يعرف الرجال والمتون ، والثعالبي في المضاف والمنسوب ، ولا نستوفي ذكر كل المصادر التى حملت هذا الخبر ، على أنه إن يفعل ذلك لا يخشى ضررا لانه كان معروفا بأنه لا في العير ولا في النفير ولم يكن من المحاربين بل ظل طوال حياته رجلا سلما . أما ما لاحظه الدكتور على أسلوبي من الشدة ، فلو أنه عرف ما قوبلت به من شتائم وسباب من يوم أن نشرت ما نشرت من فصول هذا الكتاب في مجلة الرسالة قبل أن يطبع الكتاب لعذرني فيما كتبت . على أنى قد رجعت إلى كل ما رأيته شديدا فيما كتبت فحذفته من هذه الطبعة وآثرت أن أدفع بالتى هي أحسن وأن أتبع قول الله فأمر على كل ما ينالني مرا كريما ، وأن يكون خطابي لمن يسوءني سلاما سلاما . أما الشدة على أبى هريرة التى أشار إليها الدكتور فليست منا ، وإنما هي شدة الادلة التى أحاطت به . هذه سطور وجيزة عن الهنات التى رآها الدكتور طه حسين في كتابي ، وإنى لمغتبط كثيرا من أن سيادته لم يلاحظ شيئا على أي موضوع من مواضيع الكتاب وهى كثيرة وخطيرة لم يسبق أن نشرت في كتاب جامع وأن يسمى ما وجده هنات ويقول في صراحة : " ولا بأس عليه من هذه الهنات التى أشرت إلى بعضها فالذين يبرءون من النقص والتقصير أو الهفوات أحيانا لا يكادون يوجدون " . حفظه الله . محمود أبوريه
--- [ 17 ]
صفحه ۱۶