ادبیات زبان عربی
أدبيات اللغة العربية
ژانرها
والأذن للكلام البليغ أصغى وأوعى، والترغيب في العاجل والإرهاب في الآجل اللذان هما من أهم مقاصد الخطابة ومطالبها العالية إن لم يكونا بعبارات تخلب القلوب وتأخذ بمجامعها فلا تأثير فيهما ولا فائدة منهما.
ومن عاداتهم في الخطابة أن الخطيب إذا تفاخر أو تنافر أو تشاجر رفع يده ووضعها وأدى كثيرا من مقاصده بحركات يده، فذاك أعون له على غرضه وأرهب للسامعين له وأوجب لتيقظهم.
ومن عاداتهم فيها أخذ المخصرة بأيديهم، وهي ما يتوكأ عليه كالعصا ونحوها، وكانوا يعتمدون على الأرض بالعصي ويشيرون بالعصا والقنا، وكانوا يستحسنون في الخطيب أن يكون جهير الصوت؛ ولذا مدحوا سعة الفم وذموا صغره.
ومن فحول خطباء الجاهلية قس بن ساعدة الإيادي، وأكثم بن صيفي التميمي، وذو الإصبع العدواني، وعمرو بن كلثوم التغلبي، وقيس بن زهير. (3) أسواق العرب في الجاهلية واهتداؤهم إلى تهذيب لغتهم وتوحيدها وعنايتهم بذلك
كان للعرب أسواق يقيمونها في أوقات معينة وينتقلون من بعضها إلى بعض للبيع والشراء، وكان يحضرها العرب بما عندهم من المآثر والمفاخر ويتناشدون الأشعار ويلقون الخطب، وكانوا يتحاكمون إلى قضاة نصبوا أنفسهم لنقد الشعر وبيان غثه من سمينه وتفضيل شاعر على آخر، فكانوا يفضلون من سهلت عبارته وكان لها النصيب الأوفر من الفصاحة وحسن البيان مع التحرز من العيب والابتعاد عن النقص، ويتخيرون من لغات العرب ما حلا في الذوق وخف على السمع . فكانت هذه الأسواق أندية علمية ومجتمعات لغوية أدبية، اهتدى بها العرب إلى تهذيب لغتهم لفظا وأسلوبا وجعل لغة الشعر والخطابة لغة واحدة بين جميع القبائل باذلين في ذلك جهد المستطيع، منها مجنة وذو المجاز وعكاظ.
وأشهر هذه الأسواق سوق عكاظ من عكظه يعكظه عكظا: عركه، وهي موسم للعرب من أعظم مواسمهم، وعكاظ نخل في واد بين نخلة والطائف من بلاد الحجاز وبينه وبين الطائف عشرة أميال، وكانوا يتبايعون في هذه السوق ويتعاكظون ويتفاخرون ويتحاجون وينشد الشعراء ما تجدد لهم، وقد كثر ذلك في أشعارهم كقول حسان:
سأنشر إن حييت لهم كلاما
ينشر في المجنة مع عكاظ
وفيها كان يخطب كل خطيب مصقع. وكان كل شريف إنما يحضر سوق بلده إلا سوق عكاظ فإنهم كانوا يتواتون بها من كل جهة، ومن كان له أسير سعى في فدائه، ومن كانت له حكومة ارتفع إلى الذي يقوم بأمر الحكومة.
وكانت تقوم هذه السوق من أول ذي القعدة إلى العشرين منه على المشهور، واتخذت عكاظ سوقا بعد عام الفيل بخمس عشرة سنة، وتركت بعد أن نهبها الخوارج سنة تسع وعشرين ومئة.
صفحه نامشخص