الأضحى الكبير، أو العبور العظيم، أو شم النسيم في بداية الربيع، يصحو الناس في الصباح الباكر ليشموا البصل والرنجة والفسيخ، يتمشون على شاطئ النيل، الأغنياء منهم يشمون النسيم في المنتجعات الجديدة على شاطئ البحر الأبيض بالساحل الشمالي، أو في الغردقة وسواحل البحر الأحمر.
لكن يظل الفسيخ اللذيذ من نبروه، مع أصناف الطعام الفاخر ومعه البصل الأخضر والملانة والرنجة من ضرورات العيد، لإعادة الذاكرة الطفولية والخصوصية الثقافية وتاريخ الأجداد.
كنت أحب الفسيخ وهي لا تطيق رائحته، لا تزورني أبدا في المواسم، لا تحتفل بالأعياد، وعيد ميلادها لا تذكره، إن ذكرتها به تمط شفتها السفلى وتنهمك في الكتابة. - كم عمرك؟ - مش فاكرة. - مش معقولة انتي. - انتي اللي مش معقولة. - ازاي؟ - إيه يهمك من عمري؟ - عاوزة أعرف انتي عشتي كام سنة. - ليه؟ - مش عارفة. (انتهت المقدمة)
1
نوال السعداوي
القاهرة
22 مارس 2017
أدب أم قلة أدب؟
في طفولتي كانت لي صديقة وحيدة، تقول ما لا يقوله الناس، لم يكن عقلي يلتقط كل ما تقوله، وإن أدركه جسدي بقشعريرة خفيفة لا تخلو من اللذة، يشوبها بعض الخوف أو الإحساس بالإثم، كأنما أنا المسئولة يوم الحساب عما تقوله صديقتي. لم يكن عقلي يفهم كلمات كثيرة غامضة يرددها الناس كل يوم، منها كلمة الإثم ويوم الحساب. أسمعهم يقولون إن الغامض هو المستور، أما صديقتي فكانت تقول إن الغامض هو الظاهر أمام عيوننا وآذاننا، وتقول أيضا إن الناس لن يفهموها، وإن فهموها أنكروها وتنكروا لها، من أجل إثبات براءتهم غير البريئة، كما تقول صديقتي، فهي ترى عوراتهم المستورة بورق الشجر، مثل زرقاء اليمامة، ورأت المستور مكشوفا، والناس مثل النعامة تخفي رأسها في الرمال وتظهر العورة فوق السطح.
في المدرسة قبل دخولنا الجامعة، كتبت صديقتي بعض أبيات من الشعر على قصاصة ورق، وقعت في يد الناظرة، فأصدرت قرارا بفصلها، لحسن حظها خرجت صديقتي من المدرسة، وكتبت قصيدة أخرى قالت فيها إذا اشترط أبي على أمي الإخلاص مقابل الإنفاق، فهل أشترط الإخلاص على زوجي لأني أنفق مثله؟ ما علاقة الإنفاق أو الفلوس بالإخلاص في علاقات الحب والجنس أو الزواج؟
صفحه نامشخص