القول فى المعدة
وبعد العناية من الطبيب بالأعضاء الرئيسية، أعنى الدماغ والقلب والكبد، فإنه ينبغى أن يعنى بتنقية الأعضاء التى هى خدم لهذه الرئيسية، ونفعها عام لسائر الجسم. وأشد هذه تقدما المعدة، لأن الطبخ الأول للغذاء فيها يكون وبها، إذ كان ما يفعله الفم، والأسنان، والأضراس، واللسان، من تقطيع الطعام، وطحنه، وأشباه ذلك، لا يستحق أن يسمى هضما، ولا طبخا، إذ كانت منزلته منزلة ما يصلحه الطباخ من التقطيع والدق قبل طبخه.
فالمعدة بالحقيقة هى أول آلات الطبخ. ولذلك جعل ليفها الآخذ عرضا ليفا موريا، لكى تحتوى به وتقبض على الطعام، ليتم لها سحقه وطبخه فى مدة ما من الزمان. وتتعاون على ذلك قوتان، إحداهما الماسكة، والأخرى المغيرة، وهى الهاضمة. وهاتان القوتان فعلاهما يتلوان فعل القوة الجاذبة شئ، 〈و〉لا تفعل هاتان القوتان شيئا 〈قبل ذلك〉. كما أن القوة الدافعة تالية فى فعلها للقوتين المتوسطتين.
ولذلك جعل للمعدة طريقان أحدهما ينجذب إليها منه ما يرد إليها، وهو المتصل بالمرئ، والآخر المسمى البواب، وهو الثقب المتصل بأول المعى المسمى الاثنى عشرى. والمعدة أسفلها، الذى هو أوسع جزء منها، لحمى، لأجل أن أكثر النضج به يكون. وأعلاها عصبى، لأجل أن أكثر الحس به يكون.
صفحه ۷۶