مقدمة المصنف بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. الحمد لله الذي أكرم خواص عباده بالألفة في الدين، ووفقهم لأكرم عباده المخلصين، ورزقهم الشفقة على المؤمنين، وزينهم بالأخلاق الكريمة والشيم المرضية، مقتدين في
المسلمون جسد واحد فمن ذلك: أن يعلم أن المسلمين كالجسد الواحد، وأن على بعضهم أن يعين البعض على الخيرات، ويدفع عنه المكاره
تعارف الأرواح وتناكرها
كل إنسان على دين أصحابه فإذا أراد الله بعبد من عبيده خيرا وفقه لمعاشرة أهل السنة وأهل الستر والصلاح والدين، ويرده عن صحبة أهل الهوى والبدع والمخالفين فإنه روي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: " المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل "
احذر صحبة الجهال
الصفح عن عثرات الإخوان ونسيانها ومن آدابها: الصفح عن عثرات الإخوان وترك تأنيبهم عليها، قال الله تعالى: فاصفح الصفح الجميل في التفسير: أن لا يكون فيه تقريع، ولا تأنيب، ولا توقيف، ولا معاتبة. وقيل أيضا: هو رضا بلا عتاب
لا تعاشر أبناء الدنيا وواجب على المؤمن أن يتجنب عشرة طلاب الدنيا؛ فإنهم يدلونه على طلبها، وجمعها، ومنعها، وذاك الذي يبعده عن طلب نجاته، ويقطعه عنها، ويجتهد في معاشرة أهل الخير ومن يدله على طلب الآخرة، وطلب مولاه كذلك
حمد الإخوان من حسن الصحبة ومن آداب العشرة: أن تحمد إخوانك على حسن نياتهم، وإن لم يساعدهم العمل. فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: " نية المؤمن خير من عمله " وقال علي كرم الله وجهه: من لم يحمد أخاه على صدق النية لم يحمده على حسن الصنيعة
لا تحسد الإخوان على نعم الله ومن آدابها: أن لا يحسد إخوانه على ما يرى عليهم من آثار نعم الله، بل يفرح بذلك ويحمد الله على ما يرى من النعمة عليهم، كما يحمده بنعمته على نفسه. قال الله تعالى: أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، وقال صلى الله
بشاشة الوجه ولطف اللسان ومن آدابها: بشاشة الوجه، ولطف اللسان، وسعة القلب، وبسط اليد، وكظم الغيظ، وإسقاط الكبر، وملازمة الحرمة، وإظهار الفرح بما رزق من عشيرته وإخوته
صفات خير الأصحاب ومن آدابها: ألا يصحب إلا عاقلا وعالما وحليما تقيا
من علامات أصدقاء السوء ومن آدابها: أن لا تعد أخاك وعدا ثم تخلفه، فإنه من النفاق. قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " علامة النفاق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان "
احفظ أهل صديقك ومن آدابها: أن يحفظ في عشرته صلاح إخوانه، لا مرادهم، ويدلهم على رشدهم لا على ما يحبونه
الناس رجلان
أحب لغيرك ما تحب لنفسك ومن آدابها: أن تطلب من إخوانك حسن العشرة حسب ما تعاشرتم به
ثلاث يجلبن لك ود إخوانك
الدفاع عن الإخوان من آداب الصحبة ومن آدابها: القيام بأعذار الإخوان والأصحاب والذب عنهم، والانتصار لهم
البر والصلة من آداب الصحبة وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " من لا يرحم لا يرحم " ومن آدابها: البر والصلة، البر بالنفس، والصلة باللسان، والبر أتم من الصلة وأفضل، لذلك خص به الوالدان تعظيما لحقهما النبيل
مجانبة التباغض والتحاسد ومن آدابها: مجانبة التباغض والتحاسد فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك فقال: " لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا " أعلم صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن التباغض والتحاسد يسقطان عن درجة
التآلف مع الإخوان ومن آدابها: التآلف مع الإخوان، وتعلم أنه قل ما يقع بين الإخوان مخالفة إلا بسبب الدنيا، وأصل التآلف هو بغض الدنيا والإعراض عنها، فهي التي توقع المخالفة بين الإخوان، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " المؤمن إلف مألوف، ولا
ثلاث خصال للصديق
احذر هجرة الإخوان ومن آدابها: أن لا يهجر أخاه هجر بغضة، أن لا يكون هجرته له استبقاء لوده وإبقاء على مداومة حبه، وقطع مقالة واش عنه
آداب الصحبة بين الوالد وولده ومن آدابها: أن يعين الرجل ولده على بره بالإفضال
التودد إلى الإخوان ومن آدابها: التودد إلى الإخوان بالاصطناع إليهم والصفح
من آداب الصحبة قبول العذر ومن آدابها: قبول العذر ممن اعتذر إليك، صادقا كان فيه أو كاذبا، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: " من اعتذر إليه أخوه المسلم فلم يقبل عذره فعليه مثل إثم صاحب مكس "
من آداب الصحبة قضاء الحوائج ومن آدابها: التسارع إلى قضاء حوائج من يرفع إليه حاجة
بعد الدار لا ينسيك كرم العهد ومن آدابها: أن لا ينسيك بعد الدار كرم العهد، والنزوع إلى مشاهدة الإخوان كذلك
لا تحتجب عن إخوانك ومن آدابها: أن لا يحتجب عن إخوانه، ولا يحجبهم عن نفسه كذلك
من آداب الاستئذان
أمور تفرح الأخوان ومن آدابها: أن لا يصوم إذا دعاه أخ له إلا بإذنه، فإن نوى الصوم له أن يفطر تحريا لسروره
زيارة الإخوان ومن آدابها: الرغبة في زيارة الإخوان والسؤال عن أحوالهم، فإنه: روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: " إن رجلا زار أخا له في قريته، فأرسل الله ﷿ على مدرجته ملكا فقال له: إلى أين يا عبد الله؟، قال: أزور أخا لي في هذه
إنصاف الإخوان من آداب الصحبة ومن آدابها: إنصاف الإخوان من نفسه، ومواساتهم من ماله
من جامع آداب الصحبة والعشرة
من آداب الحديث ومن آدابها: أن لا يتكلم الأحدث بحضرة المشايخ
السلام على الإخوان عند السفر ومن آدابها: أن الإنسان إذا أراد سفرا أن يسلم على إخوانه ويزورهم لعله أن يكون لأحدهم حاجة في وجهه الذي يتوجه
احذر التغير عن الإخوان ومن آدابها: أن لا يتغير لإخوانه بأن يحدث له ثروة أو غنى، أنشدني عبد الله بن الحسين الفارسي الكاتب قال: أنشدني علي بن الحسين الأصبهاني قال: أنشدني جعفر بن قدامة قال: أنشدني المبرد: إن كانت الدنيا أنالتك ثروة وأصبحت فيها بعد
لا تصاحب إلا مؤمنا ومن آدابها: أن لا يعاشر من يخالفه في اعتقاده
الصحبة مع الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه والصحبة على وجوه، لكل واحد منها آداب ومواجب ولوازم، فالصحبة مع الله تعالى باتباع أوامره، واجتناب نواهيه، ودوام ذكره، ودرس كتابه، ومراقبة أسراره أن يختلج فيها ما لا يرضاه، والرضا بقضاء الله
الصحبة مع أولياء الله والصحبة مع أولياء الله تعالى بالحرمة والاحترام لهم، وتصديقهم فيما يخبرون عن أنفسهم ومشايخهم، لأنه: روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: " يقول الله ﷿: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة "
الصحبة مع السلطان والصحبة مع السلطان بالطاعة، إلا أن يأمر بمعصية أو مخالفة سنة، فإذا أمر بمثل هذا فلا سمع له ولا طاعة. والدعاء له بظهر الغيب ليصلحه الله ويصلح على يديه، والنصيحة له في جميع أموره، والصلاة والجهاد معه. فقد روي عن النبي صلى الله عليه
الصحبة مع الأهل والولد والصحبة مع الأهل والولد بالمداراة، وحسن الخلق، وسعة النفس، وتمام الشفقة، وتعليم الأدب والسنة، وحملهم على الطاعات. قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة والصفح عن عثراتهم، والعفو
الصحبة مع الإخوان والصحبة مع الإخوان بدوام البشر، وبذل المعروف، ونشر المحاسن، وستر القبائح، واستكثار قليل برهم، واستصغار ما منك إليهم، وتعهدهم بالنفس والمال، ومجانبة الحقد والحسد والبغي والأذى وما يكرهون من جميع الوجوه، وترك ما يعتذر منه.
الصحبة مع الوالدين والصحبة مع الوالدين ودهما بالنفس والمال، وخدمتهما في حياتهما، وإنجاز وعدهما، والدعاء لهما في كل الأوقات ما داما في الحياة، وحفظ عهدهما بعد الممات، وإنجاز عداتهما، وإكرام أصدقائهما. فقد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
الصحبة مع الضيف بحسن البشر، وطلاقة الوجه، وطيب الحديث، وإظهار السرور، والكون عند أمره ونهيه، ورؤية فضله، واعتقاد المنزلة حيث أطربك بدخول منزلك، وتكرم بطعامك
آداب الجوارح ثم على كل جارحة من الجوارح آداب تختص بها، فآداب العين أن ينظر إلى إخوانه نظر مودة ومحبة يعرفها منك هو ومن حضر المجلس، ويكون نظره إلى محاسنه وإلى أحسن شيء يصدر منه، وأن لا يصرف عنه بصره في وقت إقباله عليه وكلامه معه. وآداب السمع أن يستمع
خاتمة فمن تأدب في الباطن بهذه الآداب، وتأدب في الظاهر بما بيناه رجوت أن يكون من الموفقين، ونحن نسأل الله أن يوفقنا للأخلاق الجميلة، وأن يجنبنا الأخلاق السيئة في أفعالنا، وأحوالنا، وأقوالنا، مما يقربنا إليه، ولا يكلنا في شيء من أمورنا وأسبابنا إلى