يستحق عليها الثواب الجزيل والأجر العظيم؛ ومن كانت هجرته بقصد آخر: كمال يبتغيه، أو مناخ طيب يريد الإقامة فيه، أو فرار من غريم، أو من شرير أثيم، أو من حاكم ظلوم، أو ملك غشوم، أو امرأة يريد زواجها. وطيب العشرة معها- إلى غير ذلك من الأغراض الدنيوية، والمصالح الشخصية- فهجرته إلى ما هاجر إليه، أي ليس له إلا ما قصده فليس له ثواب المهاجر لخدمة الدّين بل لا ثواب له مطلقا مادام لم يكن في عمله قصد القربة إلى الله، وإنما له ما نواه لا يعدوه إلى جزاء المقربين.
والحديث يحبب إلينا الرغبة في معالي الأمور، ويحثنا على الإخلاص في الطاعات، ويحضنا على خدمة الدّين ولو بمفارقة الوطن، والمال والولد، ويبين أن الأعمال ليست بمظهرها. بل للباعث عليها أثر كبير في انحطاطها أو علوها، وعقابها أو ثوابها.
٢- باب: دعائم الإسلام
عن عبد الله بن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: «بني الإسلام على خمس: شهادة ألاإله إلا الله وأنّ محمّدا رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، والحجّ وصوم رمضان» [رواه البخاري ومسلم] «١» .
اللغة:
الإسلام في اللغة: الانقياد والخضوع، أو الدخول في السلم- ضد الحرب- ويقال في الشرع على ضربين: أولهما الإعتراف اللساني بالله وبرسوله ﷺ و... الخ وافق القلب اللسان أو خالف، وثانيهما التصديق بالقلب إلى التصديق باللسان مع الوفاء بالفعل والاستسلام لله في جميع ما قضى وقدّر، وهذا أنسب معانيه بحديثنا، والشهادة: قول صادر عن علم حصل لمشاهدة بصر أو بصيرة، وتقال لمطلق الإقرار والاعتراف، والإله: المعبود، والصلاة في الأصل: الدعاء وتقال:
للعبادة المعروفة لما فيها من الدعاء والتوجه إلى الله. وإقامتها: تقويمها بالخشوع فيها، والتفكر في معانيها، وتذكّر من أقيمت له، فهي من أقام العود إذا قومه،
_________
(١) رواه البخاري في كتاب: الإيمان باب: دعاؤكم إيمانكم (٨) . ورواه مسلم في كتاب: الإيمان، باب: بيان أركان الإسلام و.. (٢١) .
1 / 12