146

ادب نبوی

الأدب النبوي

ناشر

دار المعرفة

شماره نسخه

الرابع

سال انتشار

١٤٢٣ هـ

محل انتشار

بيروت

ژانرها

وكما أن الصدق أسّ الفضائل فإن الكذب أسّ الرذائل، به يتصدع «١» بنيان المجتمع، ويختل سير الأمور، ويسقط خدنه «٢» من العيون، لا يصدقونه في قول ولا يثقون به في عمل. ولا يحبون له مجلسا. أحاديثه منبوذة، وشهادته مردودة لذلك نهى عنه الرسول ﷺ. وفي القرآن كثير من الآيات. المقبّحة للكذب، المنفّرة منه: المتوعدة عليه بالعذاب الشديد وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ. مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «٣» . إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ «٤»، والكذب إنما يجري مجرى الصدق. فيكون في القول، والعقيدة، والعمل فقول ما لا يطابق الضمير أو الواقع أو هما معا، أو لا يوافق النية كذب. وإعتقاد ما لا يساير الوجود كذب، والرياء في الأعمال وإلباسها لباسا غير لباسها النفسي كذب. وقد بين الرسول ﷺ أن الكذب يهدي إلى الفجور، ويبعث إلى الشر. ويهتك ستر الديانة، فإذا بصاحبه مرتطم «٥» في المعاصي: متهالك عليها «٦»، وهل الشرك واتخاذ الند الذي هو أكبر جريمة إلا كذب، وهل النفاق الذي هو شر من الكفر الصريح إلا كذب، وكذلك الغش في المعاملة، ونية الإخلاف في المواعيد والمراآة في الأعمال كلها من ضروب الكذب، وبين ﷺ أن الفجور يهدي إلى النار، ويرمي بصاحبه إلى الدرك الأسفل وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ. يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ «٧»، وكما أن الأعمال الحميدة. بتحريها وتعودها تتكون الأخلاق العالية، التي هي مصدر الخيرات، كذلك الأعمال السيئة إذا تحراها الإنسان وتعودها. وضري بها كونت في نفسه الأخلاق السيئة. التي هي مصدر الشرور والآثام. فمن سمح لنفسه بكذبة مرة. وأتبعها بأخرى. وعززها بثالثة. فرابعة. وهكذا أصبح الكذب خلقا له، وصار الكذاب المهين. فلتجنبها نفسك وإلا تصبح خلقك أو طبعك، دع المحارم، وإن

(١) يتصدّع: تصدّع القوم: تفرقوا. (٢) خدنه: الخدن: الصديق. (٣) سورة النحل، الآيتان: ١١٦، ١١٧. (٤) سورة النحل، الآية: ١٠٥. (٥) مرتطم في المعاصي: واقع في المعاصي. (٦) تهالك عليها: شديد الحرص عليها. (٧) سورة الانفطار، الآيتان: ١٤، ١٥.

1 / 150