============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقائق التصوف فالصوفية تشمروا لذلك بعدما طالبهم الحق بالإخلاص في توحيده والصدق في معاملته وصفاء الاشارة في الحقيقة إليه، فنهم من وقع له في نفس الإشارة حقيقة الإخلاص إلى الحق باسقاط الدار ومن فيها، ومنهم من وقع له بعد تحقيق الإشارة لصحة معنى الاشارة، فأشاروا إلى الحق بصدق الضمير وإخلاص المعاملة له، ومنهم من وقع له بعد دعواه لصحة القول وإخلاص الفعل فأشار إلى الحق بطلب صحة القول وصدق العمل فيه ، فأما الذي وقع له الإخلاص في نفس الإشارة (91) فمن هو مراد للحق مطلوب من الحق ، وهو في أول لائح نبه، وفي أول إشارة أفني، فهو للحق بمراد الحق، وشواهد الحق آخذته عن رؤية جميع البرية فهو مخلص لا مخلص:.
وأما الذي وقع له بعد تحقيق الإشارة فمريد أشار إلى الحق بالارادة فطالبه الحق بعد 9 ذلك بتحقيق إرادته وإخلاص همته، وعرفه خبايا نفسه وتعلقها بأبناء جنسها، فتجرد لنفي رؤية الخليقة بحقيقة الإسقاط ، وليس جميع الخلق بالجد والاجتهاد والصبر واحتمال البلوى في اختلاف حركات ما تسقط به رؤية الناس، فصار بعد تحقيق إخلاصه بجهده مخلصا وهو المخلص، وأما الذي وقع له بعد دعواه فهو الذي رد إلى عمله وتمييزه في توحيده، فأخذ من التوحيد رسمه وتعلق بظاهر شرعه، فادعى التوحيد برسمه ونطق بحقائق علمه فهو مستغن في حركات ظواهره عن حميد افعاله وطاعاته باخفائها وإستارها وكتمانها من الناس، لكنه بنفسه قائم آخلص العمل من رؤية غيره وبقي هو برؤية نفسه وله إخلاصه.
ثم في حقائق الجميع من حركات الإسقاط عجائب طلبوا بها وطلبوا بالاخلاص له، 18 فبين من يجنن نفسه ووسم نفسه بالجنون ونطق بالهذيان ليسقط بذلك عن رؤية الناس، وبين الراكب على القصبات والقائم على المصطبات واللاعب مع الصبيان في الآسواق، وبين قائل بالكفريات وموهم البريات آنه ليس من أهل الصدق في الإشارات، كل 21 ذلك مخافة من الاشراك وارتكاب الرياء ورغبة في إخلاص التوحيد له وصدق العمل في السريرة من أجله خالصا لا يتعلق به رؤية بائر ولا عين ناظر، ليكون الكل له وفيه خالصا ثم تكون أحوال الصوفية متضادة في الرسم لتقليب الأحوال عليهم بمراد الحق وصحة قصدهم (22) بالإخلاص له، فترى الصوفية تارة يبكون وتارة يضحكون وتارة يضطربون ويتحركون، وتارة يصلون وتارة يأكلون، ويجتمع ذلك ريما في وقت واحد، 27 ن بن ..
صفحه ۵۷