============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقائق التصوف الأخلاق التي عظم بها خلق نبيه ، وأوحى الله عز وجل إلى داود عليه الصلاة والسلام : يا داود تخلق بأخلاقي ، وإن من أخلاقي أني أنا الصبور الشكور.
فإشارات الصوفية في الخلق من عين موافقة الحق بشرط التباين وفرق الربوبية والعبودية، ثم من أخلاق الله عز وجل ما لا يجوز أن يتخلق بها العبيد، وذلك الجبروت والكبرياء والعظمة والبطش والسلطة وطلب المدح، وذلك من أخلاق الربوبية التي انفرد 6 بها، وله العظمة والجحبروت وحده، لأنه العزيز في وحدانيته، الحليل في فردانيته، انفرد عن الأشياء تعززا وتجبرا ، واستعبد جميع خلقه بقدرته ، ثم دعا أولياءه بحسن الخلق مع كل أحد، فيروى أن الله عز وجل قال لموسى عليه الصلاة والسلام : يا موسى حسن خلقك ولو مع كافر، فخلق الصوفية في التصوف هذا، وذلك أن أحكامهم أنهم آثروا الله على ما سواه في بدء القصد، وتركوا الدنيا زهذا فيها، فلم يكن عندهم أن الدنيا تصلح للإيثار (50) على الله عز وجل، فرموها إلى البر والفاجر حتى تجردوا وفتوا عن 12 الدنيا، فرجعوا إلى أنفسهم فتركوا حظوظها وشهواتها لله عز وجل، فحين عرفوا خساسة النفوس أنفوا أن يؤثروها على الله عز وجل، فاثروها على أولياء الله للخدمة والفداء لهم ، فادعوا في ذلك دعاوى وغاروا على الحق أن تكون النفوس تصلح لفداء أمر الحق، ولهم 15 في ذلك منازل ومقامات، والخلق لا تعد أحواله ورسومه، وهو موهبة بالتوفيق من الحق ولي أوليائه في أخلاقهم وأحكامهم (14 باب سخاء الصوفية وأما سخاء الصوفية فالبذل ، فمن كريم أخلاقهم أنهم وافقوا النبي ، إذ كان اسخى خلق الله في العسر واليسر، وما سأله أحد شيئا قط فقال : لا.
2 والسخاوة أجل خلق المؤمن، وذلك لقلة الدنيا عنده ، والسخاء والكرم من أخلاق المرسلين والأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، وئروى أن الأولياء لم يتفاضلوا على 3) فاشارات: فاشارت ض.
19) فالبذل: البذل ص.
ون ب
صفحه ۴۶