============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقائق التصوف الناس، فأولئك ورثة الأنبياء حقا، والباقون علومهم حجة عليهم.
ثم رأيت القراء تحفظوا القرآن فتفاخر بعضهم على بعض، ولم يشتغلوا (4) بتعرف 3 معانيه واستعمال ما فيه، فأكلوا به الدنيا وأحكموا ذلك ليقال : فلان قارئ حسن القراءة، فزينوا أصواتهم بذلك ونادوا في محاربهم، ورققوا طباعهم للسامعين، فنالوا بذلك الدنيا ، وطلبوها بقراءة القرآن، وقد قال النبي } : اكثر منافقي أمتي قراؤها .
ثم قليل منهم تعلقوا به آناء الليل والنهار، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه واشتغلوا بقراءته سرا وجهرا ، فقرؤوا لأنفسهم واستمعوا وأصغوا إلى حقائق ما فيه من الآمر والنهي والوعد والوعيد، فأولئك أهل الله وخاصته، والباقون القرآن حجة عليهم، وخصمهم يوم القيامة.
ثما رأيت المفسرين العارفين بمعاني القرآن، تعلموا ذلك وتوسلوا إلى السلاطين وأخذوا به عرض الدنيا، فوافقوا أهل الأهواء في المتشابهات، فلم يظهروا حقائق معاني القرآن خوفا من فضيحتهم إذ القرآن زاجرهم عما ارتسموا به.
2 وقليل منهم زهدوا عن الرياسة فصاروا نفعا للخليقة، وبينوا حقائق آمر الله عز وجل، فصاروا سفراء بين الله وبين الخليقة، فأولئك العلماء حقا، والباقون القرآن حجة عليهم ووبال:.
15 ثما إيي رأيت أهل الآداب واللغة والنحو، تعلموا ذلك رياء وإعجابا، وتفاخروا، فطلبوا بذلك الدنيا وتكلموا في الدقائق وتشدقوا وتناطحوا ، وقد قال النبي : شرار أمتي الذين يغذون بالنعيم ، يأكلون ألوان الطعام ويلبسون ألوان الثياب ويتشدقون في 18 الكلام ، وذلك أنهم اتخذوا دينهم قياسا ومعقولا ، فتأولوا الآيات بآرائهم وطلبوا غرائب اللغة، فغيروا دين الله عز وجل، وأصبحوا - إلا قليل ممن عصم الله - مفتونين، وبآدابهم ومعقولهم وآرائهم فيما يؤنقهم خائضين، وعن الطريق الواضح ناكبين، ولما 21 وضعه الله عز وجل عنهم متكلفين، وعما كلفهم مغرضين، فاتخذ كل واحد منهم غلبة معقوله شريعة ومذهبا، واتخذ رأيه عبودية، فعبد هواه وما آدرك فهمه ومعقوله، فصار عن سواء الطريق مائلأ وعن غوامض ما فيه سائلا (5) وبما لا يعينه قائلا وعن حقيقة 24 الدين والشريعة راحلا، فحصل حيرة في دين الله وتقرب بمحصوله الفاسد إلى السلاطين ليأكل بذلك الدتيا ويدعي بها الرياسة، فصار آدابه ولغاته ونحوه عطبه وهلاكه، وقليل 5) العجم المفهرس 526/2.
16)- 18) فيض القدير 154/4، رقم 4859.
...- . .
صفحه ۴