============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقائق التصوف مراعاة للفقر، وكان سؤاله حقيقة الفقر والحشر مع الفقر، ولو كان حقيقة الققر ما استعاذ منه لما كان يجوع يومين ويشبع يوما ، ولما خرج من الدنيا ولم يشبع من خبز بر.
فالفقر المذموم قد فسره النبي ل بقوله : اللهم إني أعوذ بك من فقر ينسي، 3 وقال : كاد الفقر أن يكون كفرا ، وقال عة في حقيقة الفقر فيما روى فضالة بن عبيد، قال: كان رسول الله ە إذا صلى بالناس يخر رجال من قيامهم من الخصاصة، وهم آهل الصفة، حتى يقول الأعراب : إن هؤلاء مجانين! فإذا قضى رسول الله صلاته (17) انصرف إليهم فقال : لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن تردادوا حاجة وفاقة، قال فضالة بن عبيد : وأنا مع رسول الله علالله.
فالفقر الخالص سير من آسرار الله عز وجل يودعه عند من لا يخونه، وافتراق ظاهر الفقر وتشتت معانيه لا يحصى، ومحصول أصله على أقسام ثلاثة: فقير النفس، وهو لا يستغني أبدا، وفقير الأشياء وهو يستغني بوجودها، وفقير الحق وهو الفقير الخالص، فالصوفية اختاروا الفقر لما وجدوا من ثوابه في الظاهر ، ووافقوا فيه النبي عاللة وأصحابه وتعلقوا به ليعزوا بذلك في الآخرة، وإن تذللوا في الدنيا ، فتركوا أهل الدنيا ووافقوا السنة واحتملوا المكاره والبلية حتى رجعوا إلى الله عز وجل معرضين عن جميع علائق الدنيا، وحقيقة ذلك آنهم خرجوا من الدنيا كما دخلوها، وقد قال الشبلي رحمة الله عليه حين سئل عن حقيقة الفقر، فقال : أن لا يرى في الدارين مع الله غير الله تعالى، فهذا حقيقة الصوفية وأحكامهم، فمن كان بخلاف ذلك لم يستحق حقيقة الاسم ، وخكي عن بعض الحكماء أنه قال : من تعلق بما تحت العرش فليس بصوفي، فكيف من تعلق بالدنيا وأسبابها واختار زينتها وبهجتها؟ فحقيقة نعت الصوفية ما ذكرته، فمن كان بخلاف ذلك فليس بصوني، وإن ادعى ذلك فدعواه باطل وزور 1) ادعى: الدعى ض، تحريف.
5)-8) كتاب الأربعين لابي نعيم 251، 11.
... .
صفحه ۱۵