أما عن أسلوب التفكير فهو قد علم الكتاب أن ينهجوا النهج العلمي من حيث الدقة ومن حيث الإحاطة ومن حيث البساطة.
هذه البساطة في التفكير والعرض معجزة لا يمكن أن تقلد بسهولة، يحكى أن أحد وزراء الصين أراد أن يمتحن الرسامين في رسم أبو جلنبو، فلما جاءوه بالصور الملونة والمزركشة رفضها، حتى جاءه رسام متواضع بصورة مكونة من ثلاثة خيوط، فأعطاه الجائزة قائلا إن هذه البساطة هي أعمق شيء، وأصعب شيء.
ولقد يجوز أن نصف هذه البساطة بالسهل الممتنع، ولكن الذي يجيء به سلامة أكثر من السهل الممتنع، وأعمق وأدخل في باب الإعجاز.
وأما عن الأسلوب الأدبي فقد اتهم ظلما بأنه لا يجيد اللغة حتى صار يؤلف الكتب في كيفية دراسة اللغة العربية، وحتى صار يخترع الألفاظ اختراعا ويضعها للاصطلاحات الجديدة أحسن وضع وأعجبه.
ولقد سمعت ذات يوم في إحدى الجرائد التي يحرر بها، والتي لا يمكن أن يقرأ فيها شيء يستحق القراءة - غير مقالاته هو - أنهم يتهمونه بعدم إتقان اللغة العربية، وأنهم يعيدون كتابة مقالاته، فذهبت لرئيس التحرير وخاصمته وقطعت صلتي بالجريدة، وإن استمر هو يكتب بها؛ لأنه يؤثر أن يستمر في تأدية الرسالة مهما كلفته التأدية.
أما أسلوب الحياة، فهو أول من جاء بهذا التعبير العجيب: «إن الإنسان عليه أن يمارس حياته.»
والواقع أن سلامة مارس حياته كما مارسها سقراط من قديم.
وأكاد أتخيله في الأزمنة الطاحنة التي يجتازها بهدوئه الممتاز يتذوق كأسا مريرة، ولكنها عذبة لنفسه مستساغة في يقينه.
إن شوقي الشاعر يقول:
دعوا الأكاليل للتاريخ إن له
صفحه نامشخص