ومنها: أن السؤال عبودية عظيمة؛ لأنها إظهار الافتقار إليه، والاعتراف بقدرته على قضاء الحوائج، وفي سؤال المخلوق ظلم؛ لأن المخلوق عاجز عن جلب النفع لنفسه ودفع الضرر عنها، فكيف يقدر على ذلك لغيره، وسؤاله إقامة له مقام من يقدر، وليس هو بقادر.
ويشهد لهذا المعنى الحديث الذي في ((صحيح مسلم))، عن أبي ذر -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في البحر)).
وفي الترمذي وغيره زيادة في هذا الحديث: ((وذلك بأني جواد واحد ماجد، أفعل ما أريد، عطائي كلام، وعذابي كلام، إذا أردت شيئا، إنما أقول له: كن فيكون))، فكيف يسأل الفقير العاجز، ويترك الغني القادر، إن هذا لأعجب العجب؟!
قال بعض السلف: إني لأستحيي من الله أن أسأله الدنيا، وهو يملكها، فكيف أسألها من لا يملكها -يعني: المخلوق-.
صفحه ۹۹