ادب کودکان: مقدمهای بسیار کوتاه
أدب الأطفال: مقدمة قصيرة جدا
ژانرها
يمكن تعلم الكثير حول ما يكشفه أدب الأطفال للأطفال حول الكيفية التي يسير بها العالم من حولهم من خلال تعقب ظهور واندثار الأجناس الأدبية المختلفة، ولكن قد يكون اكتشاف المزيد من خلال ملاحظة كيف تحتفظ الأجناس الأدبية المختلفة بسمات جوهرية بينما تتكيف مع الظروف المتغيرة. وتعد القصة العائلية أحد أقدم الأجناس الأدبية وأكثرها ديناميكية؛ مما يجعلها وسيلة جيدة لاستكشاف التغيرات الرئيسية في أدب الأطفال على مدار الوقت. وكما سيتضح، فإن القصة العائلية كما تروى في نصوص الأطفال تعد مصدرا مهما للمعلومات عن المؤثرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي شكلت مؤسسة الأسرة منذ أن بدأ النشر التجاري للأطفال في القرن الثامن عشر. والأكثر من ذلك، أن القصة العائلية تبرز كواحدة من وسائل ضبط وتنظيم فهم ماهية الأسرة وكيف تؤدي وظيفتها. ولتمييز التغيير، من الضروري أن نبدأ بالنظر إلى جذور وتراث القصة العائلية.
الروايات العائلية و...
بالنسبة لمعظم الأطفال، تدور أحداث فترة الطفولة في كنف الأسرة، ويهيمن تواجد الأسرة على أدب الأطفال؛ بدءا من نماذج آباء الطبقة المتوسطة الحذرين الذين تناولهم كتاب القرن الثامن عشر وحتى الآباء المهملين وغير المتحضرين والحمقى في رواية «ماتيلدا» (1988) للمؤلف رولد دال. تشير الغالبية العظمى من كتب الأطفال إلى حيوات الشخصيات الأسرية والمنزلية بدرجة ما. والعائلة في القصص التي يتشكل منها هذا الجنس الأدبي - الذي يشار إليه في بعض الأحيان بالقصة المنزلية - لا تقدم سياق الأحداث فحسب، بل وموضوع الرواية كذلك. وعلى أحد المستويات، يسهل هذا من تمييز القصص العائلية؛ حيث إنها تركز على الأفراد الذين يشكلون العائلة المركزية والعلاقات القائمة بينهم. وبطبيعة الحال، العائلة محل النقاش تبدأ كعائلة نواة محبة ومتكاملة تتكون من أبوين وتحيا حياة سعيدة ومريحة. ودائما ما توضح هذه القصص ما يحدث حين يتعكر صفو حياة الأسرة - على سبيل المثال - بغياب أو وفاة أحد الوالدين أو كليهما، أو بفعل أزمة مالية، أو الحاجة إلى الانتقال إلى بيت جديد في مكان بعيد (وفي الغالب، تتضافر هذه العوامل الثلاثة معا).
وتعد رواية «نساء صغيرات» (1868) للويزا ماي ألكوت واحدة من أشهر القصص العائلية وأكثرها تأثيرا؛ فهي تبدأ - على نحو مميز - بغياب السيد مارش عن عائلته (حيث يقوم على خدمة ورعاية الجنود إبان الحرب الأهلية الأمريكية). وعلى الرغم من أن عائلة مارش من الطبقة المتوسطة في التعليم والقيم والدور الاجتماعي، فإن دخلها قد تقلص إلى حد كبير؛ مما تسبب - بالإضافة إلى غياب السيد مارش - في أن تواجه العائلة التي تتكون من إناث أزمة مالية. وتتحرك البنية بين الفصول التي تركز على المسرات والأزمات التي تمر بالحياة الأسرية، والفصول التي تتابع كل أخت من الأخوات على حدة وهي مضطرة إلى مواجهة مغرياتها الخاصة. وفي النهاية، يجتمع شمل العائلة، وعند تلك النقطة، يصبح من المؤكد أن الفتيات قد أصبحن النساء الصغيرات اللاتي كان والدهن يتمنى أن يصبحن عليه لدى عودته. فقد تعلمن أن يؤثرن الآخرين على أنفسهن، وأن العمل يأتي قبل اللهو، وقد تشربن الرسائل المسيحية المرتبطة بكتاب «رحلة الحاج»، حيث تزخر الرواية باقتباسات من هذا الكتاب الذي يمثل العمود الفقري السردي لها. إن نضج فتيات السيد مارش يعزى إلى حد كبير إلى التربية الجيدة؛ فالأم مارمي كانت متواجدة دائما، تراقب وتستجيب لاحتياجات بناتها، في حين أن غياب السيد مارش وتوقعاته بشأن ما سيجد عند عودته تدعم من طرف خفي سلطته وتأثيره. وفي خضم العمل على الارتقاء إلى مستوى توقعات الأب، تعامل الفتيات والدهن كأنه صوت الضمير - الأنا العليا الأبوية - ومن ثم يتمكن من التحكم في تصرفاتهن. وتتمثل إحدى الرسائل الدائمة للقصص العائلية في أن المسافة والاضطرابات لا تقسمان العائلة أبدا، بل تلقيان على عاتقها بواجبات قد تمثل مصدر قوة لها.
يتكرر بنية ونمط رواية «نساء صغيرات» في العديد من القصص العائلية الأخرى. فنجد في محور سلسلة الروايات التي تتناول حياة عائلة بيبر (1881-1961)، للمؤلفة مارجريت سيدني (هارييت إم لوثروب)، شخصية مامسي، وهي أم أرملة على طراز شخصية مارمي، ساعدها اجتهادها وشخصيتها القوية القويمة على الحفاظ على تماسك العائلة وإخراج أفضل ما بداخل أبنائها الخمسة الصغار. يقضي القراء بعض الوقت مع كل ابن من الأبناء الصغار على حدة قبل أن تكافأ الأسرة على فضائلها حين يأخذ رجل خير ثري أفراد العائلة ليعيشوا بمنزله ويعولهم. كذلك تلتزم قصص الكاتبة إي نيسبيت بهذا التقليد: عائلات سعيدة تمر بأوقات عصيبة، وموت الأمهات، وغياب الآباء، ثم تستعيد الأسرة سيرتها الأولى. وتعتبر القصص العائلية لنيسبيت كذلك مثالا نموذجيا على هذا الجنس الأدبي من حيث الطريقة التي تضع بها قصصها شخصية كل طفل في مركز مغامرة معينة، والتي تلقن درسا محددا في السلوكيات. ولكنها، مع ذلك، تشير إلى تغير جدير بالملاحظة، ألا وهو: غياب الرسالة الدينية الضمنية التي كانت تميز القصص العائلية الأولى. وقد اقترن هذا التغير بتقلص أهمية الوالدين باعتبارهما مرشدين وموجهين للأبناء.
أصبحت العلمانية وما صاحبها من تقزيم لسلطة الوالدين السمتين الأساسيتين للقصص العائلية طوال القرن العشرين. فعلى الرغم من أن والد الكاتبة نويل ستريتفيلد كان أسقفا، فلم يرد ذكر للرب أو لعقيدة دينية في القصص العائلية التي كتبتها ما بين عامي 1936 و1968، وكان الآباء أو أولياء الأمور الآخرون يتسمون في الغالب بالسذاجة والافتقار إلى المهارات العملية، مما يعني أنه يجب على الأطفال تدبر أحوالهم بأنفسهم، بل وفي بعض الأحيان يعولون أنفسهم. ليس الفنانون وحدهم من يمكن أن يكونوا غامضين على المستوى الأسري؛ فالأبوان العالمان العبقريان في سلسلة كتب مادلين لانجل حول عائلة موري (1962-1973) يعتمدان كذلك على أبنائهما الأكفاء، الذين يزرعون الحديقة، ويعدون المشروبات الدافئة في منتصف الليل، وينقذون أبويهم وبعضهم بعضا من قوى الشر التي أخرجتها تجارب العلماء إلى النور . (تتجلى عقيدة لانجل المسيحية في كتاباتها، إلا أن أفراد عائلة موري لم يصوروا كمسيحيين ورعين.) الأمر نفسه ينطبق على عائلة كاسون في سلسلة كتب «هيلاري ماكاي» (2001-2007)، والتي تدور حول أربعة أطفال لأبوين فنانين يعيشان منفصلين، وكل منهما مستغرق في لوحاته؛ فيعيش الأطفال مع أمهم الحنون، ولكنها مشتتة الذهن؛ ومن ثم فإنهم يرعون بعضهم البعض إلى حد كبير ويديرون شئون المنزل.
تطرح الأمثلة السابقة بعض الطرق التي استجابت بها القصص العائلية إلى التغيرات الاجتماعية والثقافية في طبيعية العائلة، ولكنها لا تظهر إلى أي مدى حلت الأسر التي تمثل بصورة أكبر الأسر الواقعية في المجتمع محل الأسرة البيضاء من الطبقة المتوسطة التي تمثل نواة المجتمع التي طالما هيمنت على أدب الأطفال حتى وقت متأخر من القرن العشرين. ومنذ ستينيات القرن العشرين، ظهرت عائلات الطبقة العاملة، والعائلات ذات الخلفيات العنصرية والعرقية المختلفة، والعائلات التي لا يرأسها والدان من جنسين متقابلين في القصص العائلية. إلا أن تضمين أنواع أكثر من العائلات لم يؤثر بالضرورة على الخصائص الأساسية للقصة العائلية. فتلتزم روايات ميلدريد دي تايلور حول عائلة لوجان - وهي عائلة من السود من الجنوب الأمريكي تعيش في ثلاثينيات القرن العشرين - بتقاليد هذا الجنس الأدبي الذي وضعته رواية «نساء صغيرات». فيقوم على تربية أفراد عائلة لوجان أبوان قويان ميولهما الجنسية سوية وماهران وجديران بالاحترام، وكل طفل في العائلة عليه التعامل مع المشكلات، ويواجه أفراد العائلة أزمة معا؛ مما يوطد من أواصر علاقتهم أكثر وأكثر. ويتمثل الاختلاف عن تقاليد القصة العائلية في رواية عائلة لوجان في أنها عائلة من السود، وفي أن الرواية تناقش قضية العنصرية التي تؤثر على الكيفية التي تحيا بها العائلة. وهذا يعني أن رواية «يا دوي الرعد، اسمع صراخي» تولي تفاعلات العائلة مع العالم الواسع اهتماما أكبر مما تفعل العديد من القصص العائلية الأخرى.
في الحقيقة، هناك خيط يمر في ثنايا هذا الجنس الأدبي يتضمن العائلات التي تعيش بعيدا جدا عن المجتمع لدرجة تندر معها مثل تلك التفاعلات، هذا إن وجدت من الأساس . فبداية من رواية «عائلة روبنسون كروزو» للكاتب السويسري جوهان ديفيد وايس (ترجمت إلى الإنجليزية عام 1814، وتعرف الآن على نطاق واسع باسم «عائلة روبنسون السويسرية») ومرورا بقصص رحلات عائلة إينجالس عبر أراضي الولايات المتحدة الممتدة، والتي ترويها لورا إينجالس وايلدر (1932-1943)، أدى أدب الأطفال إلى ظهور جنس أدبي فرعي مكتمل التطور من القصص التي تدور حول العائلات المغامرة والمكتفية ذاتيا. فلقد بدأت كل من عائلتي روبنسون وإينجالس رحلتيهما لتحسين ظروفهما المعيشية، مما يشير إلى أحد العوامل الأقل وضوحا ولكن الأقوى تأثيرا في القصة العائلية، وهو: دور العائلة كوحدة اقتصادية.
تزامن مع بداية النشر التجاري لكتب الأطفال ظهور العائلة البرجوازية، وهيمنة الرأسمالية، وهما قوتان مؤثرتان تشكلان الطريقة التي تصور بها العائلات في روايات الأطفال. (أومالي 2003؛ رينولدز 2007). وفي عصرنا الحالي الذي يتسم بالأسفار السريعة، وطرق التواصل الفورية، يمكن أن تجتمع العائلة فعليا أو افتراضيا عند الضرورة في الغالب، ولكن القصص العائلية للأطفال ظلت لوقت طويل من تاريخها تعكس واقعا مختلفا. فبداية من القرن الثامن عشر وحتى العقود الأولى من القرن العشرين، كان تاريخ العائلة في الغالب زاخرا بالفراق الطويل، سواء بدافع الحاجة إلى ملاحقة فرص العمل، أو الحالة الاقتصادية في أوقات الاستعمار، أو متطلبات بناء الإمبراطورية، أو التقلبات السياسية، أو ما تمليه الحياة العسكرية والإدارية والدينية من أوامر؛ وقد يفسر هذا الإصرار على أهمية وحدة الأسرة في القصص العائلية من ناحية، وكذلك قدرة أفراد العائلة على أن يزدادوا قوة بالافتراق من ناحية أخرى. قد تكون وحدة العائلة فكرة مثالية، ووهما نتمنى تحققه؛ فحقيقة الفراق يشار إليها بشكل مباشر في ظاهرة غياب أحد الأبوين المتوطنة وفي القصص العديدة عن الأطفال الذين يرسلون للعيش مع الأقارب. في الأساس، كانت مثل هذه القصص تميل إلى تصوير الأطفال الأيتام؛ أما اليوم، فقد أصبح تغيير العائلة على الأرجح نتيجة للطلاق والزواج مرة أخرى. وسواء أكان التغيير الناتج عن العلاقات الأبوية الجديدة مرحبا به ويشكل مصدرا للبهجة - كما هو الحال في رواية «الاستحواذ» (1982) للكاتبة مارجريت ماهي - أو يبدأ بالرفض ثم ينتهي الصراع نهاية سعيدة - كما في رواية «عينان جاحظتان» (1989) للكاتبة آن فاين، ورواية «الغول بالطابق السفلي» (1974) لديانا وين جونز - أو كان سببا في شعور الطفل بعدم القدرة على البقاء في المنزل فيبحث عن ملاذ لدى أقاربه - كما هو الحال في رواية ميج روزوف «كيف أعيش الآن» (2004) - فإنه غالبا ما يسلط الضوء على المزايا المرتبطة بالعائلات في القصص العائلية التقليدية.
النزاعات العائلية
صفحه نامشخص