يونس، وقتل موسى للقبطي، وقصة داود مع الخصم الذين تسوروا المحراب، وقوله تعالى في قصة ابن أم مكتوم: ﴿عبس وتولّى * أن جاءه الأعمى﴾ الآيات. في أمثال ذلك، مما كان فيه التعليم للنبي، الذي وقعت منه المعصية، وضرب المثل لغيره من البشر، حتى يكون قدوة في المسارعة إلى الخيرات، والتباعد عن المعاصي، بعد تعليم الله له، والمسارعة إلى التوبة من المخالفات، والتحصُّن من أسبابها المؤدية إليها.
يقول محمد قطب في مجال حديثه عن التربية بالقصة: "يستعرض (القرآن) في حق الأنبياء، بعض مظاهر الضعف البشري. ولكن ليس الاحتفال فيها بنقطة الضعف، ولكن بالإنابة منها إلى الله. يعرضها القرآن دون مداراة على أصحابها ... ولكنه لا يصنع منها بطولة، لأنها في الحقيقة ليست كذلك ... وقصة آدم من ذلك ... إنها لحظة ضعف، أصابت آدم، فنسي نفسه، وعهده مع ربه، وجنح إلى شهوة من شهوات نفسه، فاستزلّه الشيطان منها، وقاده من مقودها" (١).
٤ - قالوا: وفي السنة مواضع تدل على ذلك، منها قول النبي ﷺ: "يا أم سليم أما تعلمين أني اشترطت على ربي، فقلت: إنما أنا بشر، أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل، أن تجعلها له طهورًا، وزكاةً وقربةً تقرِّبه بها منك يوم القيامة" (٢).
ومنها أن النبي ﷺ قبيل وفاته قام في أصحابه على المنبر فقال: "أما بعد، أيها الناس، إنه قد دنا مني خفوقٌ مِنْ بَينْ أظهركم، ألا فمن كنت جلدتُ له ظهرًا فهذا ظهري فليَسْتَقِدْ منه، ومن كنتُ أخذت له مالًا فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت شتمت له عرضًا فهذا عرضي فليستقدْ. ولا يقولَنَّ قائل: أخافُ الشحناءَ من قبل رسول الله ﷺ، فإنها ليست من شأني" (٣).
(١) منهج التربية الإسلامية ص ٢٤١
(٢) رواه أحمد ومسلم (الفتح الكبير ٣/ ٣٧٩).
(٣) أخرجه ابن سعد وأبو يعلى والطبراني والبيهقي وأبو نعيم من حديث الفضل بن العباس (الخصائص الكبرى ٣/ ٣٧٨).