237

Acts of the Messenger ﷺ and Their Indications for Sharia Rulings

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

ناشر

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

شماره نسخه

السادسة

سال انتشار

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

محل انتشار

بيروت - لبنان

ژانرها

ربي هل كنت إلاّ بشرًا رسولًا﴾ وقد تكرر التأكيد في الكتاب على بشرية الرسول ﷺ، وأنه ليس إلهًا، ولا ملكًا، ولا يعلم الغيب. ومن المعلوم أنه ﷺ لما نَبّأه الله ﷿، لم يمنعه من تصرفاته البشرية كما يتصرف غيره من الناس على غالب الظنون والتقادير التي تخطئ وتصيب، ولا تعهّد له بأن يمنعه من الخطأ في ذلك، فالأصل استمرار حاله في ذلك كما كان قبل النبوة، لمّا لم يدل على انتقاله عن ذلك دليل. وقد أكّدت السنة النبوية ما بيّنه القرآن من ذلك، كما يأتي.
٢ - قوله ﷺ: "إنما أنا بشر، فإذا أمرتكم بأمر دينكم فاقبلوه. وإذا أمرتكم بشيء من دنياكم فإنما أنا بشر". وفي رواية: أنتم أعلم بدنياكم. وقد تقدّم هذا الحديث.
وبهذا الحديث، برواياته المختلفة، يوصّل النبي ﷺ أصلًا عظيمًا في الشريعة، ويبيّنه لنا، ويشعرنا بأن بعض أفراد الأمة قد يكونون أحيانًا أعلم منه ﷺ بما يتقنونه من أمور الدنيا، والمقصود أهل الخبرة في كل فن وصناعة، وأنه لا داعيَ شرعًا لالتفاتهم إلى ما يصدر عنه ﷺ من ذلك إلاّ كما يلتفتون إلى قول غيره من الناس.
٣ - ما ذكر ابن إسحاق في سيرته، في سياق غزوة بدر، قال: حُدِّثت عن رجال من بني سلمة، أنهم ذكروا أن الحباب بن المنذر، قال: يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل، أمنزلًا أنزلكه الله، ليس لنا أن نتقدَّمه، ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة. فقال: يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، فانهض حتى نأتي أدنى ماء من القوم، فننزله. ثم نغوّر ما وراءه من القُلُب. ثم نبني عليه حوضًا فنملؤه ماءً، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون. فقال رسول الله ﷺ: "لقد أشرت بالرأي" (١).

(١) سيرة ابن هشام، وعليها الروض الأنف للسهيلي، بتحقيق عبد الرحمن الوكيل. القاهرة دار الكتب الحديثة (د. ت) ٥/ ٩٧

1 / 246