166

Acts of the Messenger ﷺ and Their Indications for Sharia Rulings

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

ناشر

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

شماره نسخه

السادسة

سال انتشار

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

محل انتشار

بيروت - لبنان

ژانرها

وعندي في هذا الاستدلال نظر، فإن الفعل إذا كان مستحبًا أو مباحًا، فقد خرج أيضًا عن المنع، ولو كان في الأصل منهيًا عنه، فإن نقيض الحرمة رفع الحرج، وذلك صادق على كل من الوجوب والندب والإباحة، بل والكراهة كما تقدم. فبكلٍّ منها يخرج الفعل عن الحظر.
وحاصله أننا نمنع وجود فعل دائر بين الوجوب والحرمة. ومن قال به طالبناه بأن يبيّن حده لنناقشه فيه.
وأيضًا؛ فإن كثيرًا من الصور في الشريعة خارجة عن هذه القاعدة. فمن المستحبّات ختان النساء، بل وختان الرجال على قول، وسجود التلاوة أثناء الصلاة، وإشعار الهدي، ورفع اليدين على التوالي في تكبيرات العيد، بل والقيام الثاني والركوع الثاني في صلاة الكسوف عند بعضهم على ما ذكره النووي في المجموع، ونقله عن الكثيرين أنه مستحب (١)، وسجود السهو أيضًا عند الشافعية، وبعض الرخص كالقصر والفطر للمسافر، والفطر للمريض.
ومن المباحات أكل المضطّر الميتة، أو مال الغير، وحلق الشعر للمحرم المريض، والجمع بين الصلاتين عند العذر، وذبح البهائم، والصيد بالجوارح. وذكر السيوطي أيضًا النظر إلى المخطوبة، والمكاتبة، وقتل الحية في الصلاة، وغير ذلك مما لا يكاد يحصى.
وقد ذكر الزركشيّ في البحر المحيط أن هذه المسألة أخذت عن ابن سريج في إيجاب الختان. وأشار إلى عدم استقامتها، ثم قال: "وتنتقض هذه القاعدة بصور كثيرة، منها سجود السهو، وسجود التلاوة في الصلاة، فإنه ممنوع منه، ولما جاز لم يجب" (٢).
وقال الأسنوي أيضًا: "وهو منتقض بصور كثيرة" (٣).

(١) الأسنوي: التمهيد ص ١٣٤
(٢) ٢/ ١٥٢ أ.
(٣) نهاية السول ٢/ ٦٣

1 / 172