والجملة مفيدة لقصر الحمد عليه تعالى؛ نحو قولهم: الكرم في العرب. وإنما كان الحمد مقصورا في الحقيقة على الله؛ لأن كل ما يستحق أن يقابل بالحمد إنما هو صادر من الله، وهذا يقتضي أن يكون الحمد لله وحده. فالقصد من جملة الحمد: إنشاء الثناء عليه تعالى بمضمونها الذي يتلخص في أن الله مستحق لجميع المحامد.
{رب العالمين}:
الرب: المالك، والسيد المربي، ولا يطلق على غير الله إلا مقيدا؛ نحو: رب الدار. والعالمين: جمع عالم، والعالم: الخلق من ذوي العلم، وهم الإنس والملائكة والجن. وقيل: إن العالم اسم لكل مخلوق من العقلاء وغيرهم. وجمع في الآية بالياء والنون، وهما علامة جمع المذكر العاقل؛ لأنه أريد منه: ذوو العلم خاصة.
{الرحمن الرحيم}:
وجه إعادة هذين الوصفين - وقد سبق تفسيرهما -: أن وصفه تعالى برب العالمين؛ أي: مالكهم، أو سيدهم، يثير في النفوس شيئا من الرهبة، فقرن بوصف الرحمة؛ ليجعل بجانب الرهبة منه رغبة إليه، وفي ذلك استدعاء إلى الإقبال على طاعته، مع رجاء فضله وإحسانه.
{مالك يوم الدين}:
المالك: وصف من الملك - بكسر الميم -. والدين: الجزاء؛ أي: إنه تعالى يتصرف في أمور يوم الدين تصرف المالك فيما يملك، قال تعالى: {يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله} [الانفطار: 19]، وقرئ:
صفحه ۹