294

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

ویرایشگر

علي الرضا الحسيني

ناشر

دار النوادر

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۳۱ ه.ق

محل انتشار

سوريا

ژانرها

خيار عدول، وقيل للخيار: وسط؛ لسلامة الوسط مما يسارع إلى الأطراف من الخلل والفساد؛ وسالك الوسط من الطريق محفوظ من الانحراف إلى غير طريق. والمعنى: ومثلما جعل قبلتكم وسطًا؛ لأنها البيت الحرام الذي هو بناء الخليل إبراهيم ﵇ جعلكم أمة وسطًا بين الأمم؛ ليتحقق التناسب بينكم وبين القبلة التي تتوجهون إليها في صلواتكم. ويصح أن يكون لفظ: ﴿وَكَذَلِكَ﴾ للتنبيه على الخبر المهم الذي ذكر بعده، وهو جعل المخاطبين وسطًا؛ أي: عدولًا، وما ترتب عليه من شهادتهم على الناس يوم القيامة.
﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾:
هذا بيان لوجه جعلِهم خيارًا عدولًا، وهو استشهادهم، وقبول شهادتهم على الخلائق يوم القيامة. وشهداء: جمع شهيد، وصفٌ من الشهادة، وهي إخبار الإنسان بما شاهده، أو شهده؛ اْي: حضره، وتستعمل في الإخبار بما علم - ولو من غير طريق المشاهدة -. وتكون الشهادة في الدنيا بين الناس على أعمالهم ومعاملاتهم، وفي الآخرة بين الرسل وأممهم، كما قال تعالى: ﴿وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ﴾ [الزمر: ٦٩].
وتحمل شهادة الأمة في الآية على شهادنهم على الأمم السابقة بأن أنبياءهم قد بلغوهم الرسالة على وجهها؛ ومستند هذه الشهادة: ما قصه علينا القرآن الكريم من أنبائهم. وشهادة الرسول ﵊ على أمته: إخباره بتصديقهم له، وتلقيهم دعوته بالطاعة. والحكمة في شهادة الأمة المسلمة على الأمم يوم القيامة: إظهار فضل الأمة التي استنارت بالحجة، واطمأنت للمعجزة، فاَمنت بجميع الأنبياء ﵈، ولم تفرق بين أحد منهم.

1 / 260