موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
ژانرها
هذا معطوف على ما تقدم من الآيات الواردة في نقض اليهود للمواثيق والعهود. وما تقدم من قوله: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا} ... إلخ يتضمن أوامر، والميثاق المشار إليه في هذه الآية يتضمن نواهي {لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم}. وقدم توبيخهم على عدم امتثال الأوامر على توبيخهم على عدم اجتناب المنهي عنها؛ لأن الأوامر هي الأصل في التكاليف الشرعية؛ حيث إنها تتضمن # أفعالا؛ بخلاف النواهي؛ فإنها تتضمن تروكا، ومشقة الأفعال أشد - في الغالب - من مشقة التروك.
والميثاق: العهد. وسبق لنا: أن عهد الله: ما أوصى به في كتابه، أو على لسان رسله.
والميثاق أخذ من أسلاف المخاطبين. فالمعنى: أخذنا ميثاق أسلافهم الذين كانوا في عهد موسى - عليه السلام -.
والسفك: الصب. والدماء: جمع دم، وهو معروف. والنهي عن سفك الدماء في معنى النهي عن القتل، ومعنى {لا تسفكون دماءكم}: لا يتعرض بعضكم لبعض بالقتل، كما قال - عليه الصلاة والسلام - فيما روي في الصحيح: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض".
{ولا تخرجون أنفسكم من دياركم}:
الديار: جمع دار، وهي المسكن. والمعنى: لا يخرج بعضكم بعضا من مساكنهم. ويدخل في معنى الإخراج من الديار: أن يتصدى الرجل لإيذاء جاره حتى يلجئه إلى الخروج من داره؛ تخلصا من شره. وقال: {ولا تخرجون أنفسكم من دياركم}، فجعل إجلاءهم غيرهم من مساكنهم إجلاء لأنفسهم، فنبه بذلك على أن الأمة المتواصلة بالدين أو النسب بالغة من الوحدة بحيث يعد قتل الرجل لغيره إنما هو قتل لنفسه، وإخراجه من منزله إنما هو إخراج لنفسه.
{ثم أقررتم وأنتم تشهدون}:
صفحه ۱۵۳