وأن عزيز القوم لا علم عنده * ذليل إذا انضمت عليه المحافل وقال آخر:
لا تيأسن إذا ما كنت ذا أدب * على خمولك أن ترقى إلى الفلك بينا ترى الذهب الابريز مطرحا * في الترب إذ صار إكليلا على الملك نعود إلى ذكر النثر من القول، في مدح العلم وأهله، وذم من لم يتعلم لله تعالى، ولم يقم فيه بما يجب عليه.
روى الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه - رحمه الله تعالى - في كتاب الخصال في باب الثلاثة قال:
قال أمير المؤمنين عليه السلام: " طلبة العلم على ثلاثة أصناف، ألا فاعرفوهم بصفاتهم وأعيانهم:
فصنف منهم يتعلمون للمراء والجهل، وصنف منهم يتعلمون للاستطالة والختل، وصنف منهم يتعلمون للفقه والعقل، فصاحب المراء والجهل، تراه مؤذيا مماريا للرجال في أندية المقال، قد تسربل بالخشوع وتخلى من الورع، فدق الله من هذا حيزومه، وقطع منه خيشومه.
وصاحب الاستطالة والختل، [فإنه] (1) يستطيل به على أمثاله من أشكاله، ويتواضع للأغنياء من دونهم، فهو لحلوائهم هاضم، ولدينه حاطم، فأعمى الله من هذا بصره، وقطع من آثار العلماء أثره.
وأما صاحب الفقه والعقل، فإنك تراه ذا كآبة وحزن، قد قام الليل في حندسه، وانحنى في برنسه، يعمل ويخشى، خائفا وجلا من كل أحد إلا من كل ثقة من إخوانه، فشد الله من هذا أركانه، وأعطاه يوم القيامة أمانه " (2).
ومن كتاب الكراجكي: عن سليم بن قيس الهلالي، عن علي، عن النبي - صلى الله عليهما وآلهما - قال: " العلماء رجلان: رجل عالم أخذ بعلمه فهو ناج، وعالم تارك لعلمه فهذا هالك، وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة، رجل دعا عبدا إلى الله - سبحانه - فاستجاب له وقبل منه، فأطاع الله فأدخله الله الجنة، وأدخل الداعي النار، بتركه علمه، واتباع الهوى، وطول الأمل، فإن اتباع الهوى يصد عن
صفحه ۸۹