فعلمت أن الذي أكرمني بهذا ليس ينساني فأحببت لقاءه " (1).
ومن خطبه له عليه السلام في التوحيد:
الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد، ولا تحويه المشاهد، ولا تراه النواظر، ولا تحجبه السواتر، الدال على قدمه بحدوث خلقه، وبحدوث خلقه على وجوده، وبأشباههم على أن لا شبه له، الذي صدق في ميعاده، وارتفع عن ظلم عباده، وقام بالقسط في خلقه، وعدل عليهم في حكمه، مستشهد بحدوث الأشياء على أزليته، وبما وسمها به من العجز على قدرته، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه.
واحد لا بعدد، ودائم لا بأمد، وقائم لا بعمد، تتلقاه الأذهان لا بمشاعرة، وتشهد له المرائي لا بمحاضرة، لم تحط به الأوهام، بل تجلى لها، وبها امتنع منها، وإليها حاكمها، ليس بذي كبر امتدت به النهايات فكبرته تجسيما، ولا بذي عظم تناهت به الغايات فعظمته تجسيدا، بل كبر شأنا وعظم سلطانا.
وأشهد أن محمدا عبده المصطفى، وأمينه الرضي صلى الله عليه [وآله] وسلم، أرسله بوجوب الحجج، وظهور الفلج، وإيضاح المنهج، فبلغ الرسالة صادعا بها، وحمل على المحجة دالا عليها، وأقام أعلام الاهتداء ومنار الضياء، وجعل أمراس الإسلام متينة، وعرى الإيمان وثيقة (2).
وقال عليه السلام:
من عبد الله تعالى بالوهم أن يكون صورة أو جسما فقد كفر، ومن عبد الاسم دون المعنى فقد عبر غير الله، ومن عبد المعنى دون الاسم فقد دل على غائب، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك وعبد اثنين، ومن عبد المعنى بوقوع الاسم عليه، يعقد به قلبه، وينطق به لسانه، فذلك في ديني حقا ودين آبائي.
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه، أبو محمد الحسن بن أبي الحسن الديلمي، أعانه الله على طاعته، وتغمده برأفته ورحمته، وحشره مع أئمته: إن ذات الله تعالى معروفة بالعلم، غير مدركة بالإحاطة، ولا مرئية بالأبصار، فهي ثابتة في العقول من غير حد ولا إحاطة ولا حلول، قد حجب سبحانه الخلق أن يعرفوا له كنه ذات، ودلهم
صفحه ۶۷