فأما الماء فلست أجد له فعلا آخر سوى شربه في الأمراض الحادة وذلك أنه لا يسكن السعال فيمن به ذات الرئة ولا يعين على نفث البزاق لاكن فعله في ذلك أقل من فعل جميع الأشربة الباقية إذا استعمل المريض شربه في جميع أوقات المرض وأما إن شرب منه مقدارا يسيرا بين شربه السكنجبين وماء العسل أعان على نفث البزاق والسبب في ذلك تغير كيفيات تلك الأشربة وذلك أنه يحدث فيها ندى وأما على غير هذه الجهة فليس نجده يسكن العطش بل يهيجه وذلك أن شرب الماء لأصحاب المرار بالطبع ومن كانت المواضع التي دون الشراسيف أيضا منه يغلب فيها المرار رديء ويزيد أيضا في رداءته أنه يستحيل إلى المرار ويضعف الأبدان إذا شرب على خلاء من الجوف ويزيد أيضا في عظم الطحال والكبد إذا كان فيهما تلهب ويحدث قراقر ويطفو في المعدة وذلك أن نفوذه بطيء والسبب في ذلك ميله إلى البرد وأنه غير نضيج وليس يحدر البراز ولا يدر البول ويزيد أيضا في ضرره أنه لا ثقل له في طبيعته وإن كان القدمان أيضا في وقت من الأوقات باردتين وشرب الماء تضاعفت مضرته في جميع هذه أيها مال إليه.
صفحه ۳۹