قال أبقراط: ومتى عرض في ذات الجنب وجع بدءا كان ذلك أم بآخرة فاستعمالك التكميد أولا تروم بذلك التحليل للوجع ليس يكون على غير الصواب وأنفع التكميد ما كان بماء حار قد ملئ منه زق أو مثانة أو إناء نحاس أو فخار وقد ينبغي أن تتقدم فتضع تحت ذلك على الجنب بعض الأشياء اللينة ليكون التكميد أرفق والأجود أيضا أن تضع مع ذلك على الجنب إسفنجا لينا عظيما مبلولا بماء حار معصورا وقد ينبغي أن تغطي الكماد من جميع النواحي كما يدور ببعض ما يلبس فإنك إذا فعلت ذلك كان لبثها وبقاء مدتها أطول ولم يترق بخاره مع ذلك أيضا إلى منخر المريض فيستنشقه اللهم إلا أن ترى أنه قد ينتفع بذلك في بعض الأشياء فإنه ربما نفع في بعض الأوقات وقد ينبغي أيضا أن تعمد إلى شعير وكرسنة منقوعين في خل ممزوج مزاجا أقوى قليلا من المزاج الذي يمكن الإنسان أن يشربه بعد أن تحل ذلك وتغليه وتجعله في كيس مخيط وتضعه على الجنب وكذلك أيضا النخالة على هذه الصفة وأما أصناف التكميد اليابسة فأوفقها الذي يكون بالملح والجاورس المقلو في أكياس من صوف وذلك أن الجاورس خفيف الوزن رقيق.
وقد يحل هذا التكميد أيضا الأوجاع التي تترقى إلى الترقوتين وأما القطع فليس يحل الوجع على هذه الصفة إلا أن يترقى إلى الترقوة فإن لم ينحل الوجع بالتكميد فليس ينبغي أن تطيل اللبث في استعماله وذلك أنه يجفف الرئة ويجمع المدة ومتى بلغ الوجع إلى الترقوة أو حدث في الساعد ثقل أو نحو الثدي أو فوق الحجاب فقد ينبغي أن تفصد العرق المسمى الباسليق ولا تمتنع أن تستفرغ من الدم مقدارا كثيرا ما دام لونه أشد حمرة ونضارة أو تراه قد صار لونه الأحمر الناصع أسود فإن هذين اللونين جميعا يعرضان في الدم.
صفحه ۱۴