ابوالشهدا حسین بن علی
أبو الشهداء الحسين بن علي
ژانرها
وكان يقول لها: «ادعي إلي ابني.» فيشمهما ويضمهما إليه، ولا يبرح حتى يضحكهما ويتركهما ضاحكين. وروى أبو هريرة أنه كان عليه السلام يدلع لسانه للحسين، فيرى الصبي حمرة لسانه فيهش إليه، وكان عيينة بن بدر، شهده في بعض هذه المجالس فقال متعجبا: «يصنع هذا بهذا؟ فوالله إن لي الولد ما قبلته قط!» قال عليه السلام: «من لا يرحم، لا يرحم!» •••
وخرج ليلة في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسنا أو حسينا، فوضعه ثم كبر للصلاة فأطال سجدة الصلاة. قال راوي الحديث: «فرفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله وهو ساجد فرجعت إلى سجودي، فلما قضى الصلاة قيل يا رسول الله: إنك سجدت بين ظهري صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك.» قال: «كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله.»
وقام عليه السلام يخطب المسلمين، فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل عليه السلام من المنبر، فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال: «صدق الله!
إنما أموالكم وأولادكم فتنة
نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما.» •••
ولا يوجد مسلم في العصر القديم أو العصر الحديث يحب نبيه كما يحب المؤمنون أنبياءهم، ثم يصغر عنده حساب هذا الحنان الذي غمر به قلبه الكريم سبطيه وأحب الناس إليه. فبهذا الحنان النبوي قد أصبح الحسين في عداد تلك الشخوص الرمزية التي تتخذ منها الأمم والملل عنوانا للحب، أو عنوانا للفخر، أو عنوانا للألم والفداء. فإذا بها محبوب كل فرد ومفخرته، وموضع عطفه وإشفاقه، كأنما تمت إليه وحده بصلة القرابة أو بصلة المودة.
وقد بلغ الحسين بهذا الحنان - مع الزمن - مبلغه من تلك المكانة الرمزية فأوشك بعض واصفيه أن يلحقه في حمله وولادته ورضاعه بمواليد المعجزات. فقال بعضهم: «لم يولد مولود لستة أشهر وعاش إلا الحسين وعيسى ابن مريم.» وقال آخرون: إنه - رضي الله عنه - لم ترضعه أمه ولم ترضعه أنثى «واعتلت فاطمة لما ولدت الحسين وجف لبنها، فطلب رسول الله مرضعة فلم يجد، فكان يأتيه فيلقمه إبهامه فيمصه، ويجعل الله في إبهام رسوله رزقا يغذيه، ففعل ذلك أربعين يوما وليلة، فأنبت الله - سبحانه وتعالى - لحمه من لحم رسول الله.»
وروي عنه غير ذلك كثير من الأساطير التي تحيط بها الأمم تلك الشخوص الرمزية التي تعزها وتغليها فتلتمس لها مولدا غير المولد المألوف، والنشأة المعهودة، وتلحقها أو توشك أن تلحقها بالخوارق والمعجزات.
ولقد كانت حقيقة الحسين الشخصية كفؤا لتلك الصورة الرمزية التي نسجتها حوله الأجيال المتعاقبة قبل أن يرى منه أبناء جيله غير تلك الحقيقة.
فكان ملء العين والقلب في خلق وخلق، وفي أدب وسيرة، وكانت فيه مشابه من جده وأبيه، إلا أنه كان في شدته أقرب إلى أبيه. قال علي - رضي الله عنه - مشيرا إلى الحسن: «إن ابني هذا سيخرج من هذا الأمر، وأشبه أهلي بي الحسين.» واتفق بعض الثقات على أن «الغالب على الحسن الحلم والأناة كالنبي، وعلى الحسين الشدة كعلي».
صفحه نامشخص