فأدرك أنه يريد الخلوة، فأشار إلى خالد وسليمان فذهبا إلى غرفة أخرى، وجلس أبو مسلم على وسادة وأمره أن يجلس وقال: «قل. ما وراءك؟»
فجلس الضحاك جاثيا متأدبا وقال: «اسمح لي - يا مولاي - أن أثني على إرجائك الهجوم الليلة، وكنت خائفا أن تأمر جندك بالهجوم.»
قال: «لا تخف. ثم ماذا؟»
قال: «هل أتقدم برأي أبديه؟»
قال: «قل. بارك الله فيك. ما أسرع ما اطلعت على الخفايا!»
قال وهو لا يضحك: «قد رأيت يا مولاي أمرا هالني وخشيت عاقبته على رجالك.»
قال أبو مسلم: «وما هو؟»
قال: «وصلنا بالعروس إلى فسطاط الكرماني، فإذا هو قد ركب لمحاربة نصر بن سيار؛ صاحب مرو، وابنه علي معه؛ أعني العريس المبارك، (وضحك) فأنزلنا العروس في خبائها بين عبيدها وجواريها، وخرجت لاستطلاع الأحوال، فرأيت جند الكرماني كبيرا، وكلهم من رجال اليمن الأشداء، وفيهم العدة والنجدة، وربما زادوا عن خمسة أضعاف رجالك. ولما خرج رجال نصر لقتاله رأيتهم أيضا كثيرين، فخفت أن يغرك ذلك فتخرج برجالك للحرب وأنا لا أضمن لك الفوز؛ لعلمي أن الجندين وإن تباينت عصبيتهما بين اليمن ومضر فإنهم جميعا من العرب، فإذا رأوا الخراسانيين يحاربونهم اتحدوا عليهم.»
قال أبو مسلم: «صحيح. إيه. قل.»
قال: «فرأيت أن خيرا ما تفعله الآن أن تمكن البغضاء بين هذين الجيشين.»
صفحه نامشخص