قال: «أظنه كذلك؛ لأن مولاتي قالت لي إنه لم يصب به أحد إلا مات لساعته، ولو كان جرحه خفيفا.»
فقال: «إنها هدية ثمينة، ثم ماذا؟»
قال: «عندي كلمة أخرى أحب كتمانها حتى عن الدهقانة نفسها، فإذا عاهدني الأمير بذلك بحت له بها، وإلا لا يهمني لو قتلني بهذا السيف الساعة وأراحني من حياتي.»
فاستغرب أبو مسلم قوله وطريقة تعبيره، واستأنس بخفة روحه، فقال له: «قل ما تشاء ولا تخف.»
قال: «وهل تعدني أنك لا تغضب من جسارتي؟»
قال: «قلت لك لا تخف.»
قال: «إن مولاتي الدهقانة أجمل أهل عصرها، وما من أمير ولا دهقان إلا ويتمنى رضاها، ولكنها تمنع نفسها عن كل طالب، ولم يمل قلبها إلى أحد حتى الكرماني؛ أمير العرب المحاصرين مرو، فإنه طلبها لابنه ورضي أبوها، وأما هي فقلبها نافر منه، وقد تطيع أباها وتذهب إلى الكرماني، ولكنها إذا سارت إليه فقلبها لا يسير معها؛ لأنه متعلق برجل أعظم منه، وأعظم من كل رجل في خراسان. هل يأذن لي مولاي أن أذكر اسم ذلك الرجل؟»
فأدرك أبو مسلم أنه يشير إلى حبها إياه، ولم يكن قد فاته ذلك من قبل.
فقال: «اذكر اسمه، إلا إذا كان داخل هذه الغرفة.»
فقال: «كأنك تأمرني ألا أذكره؛ لأنه داخل هذه الغرفة، ولكنه ليس أنا.» وضحك، فلم يتمالك أبو مسلم عن الضحك ثم قال: «لقد أعجبني أسلوبك يا رجل؛ فإنك خفيف الروح.»
صفحه نامشخص