أما صالح فإنه عاد مع سعيد إلى الدهقانة وخدمها - وكانوا في انتظارهما - ثم أخذوا في السير حتى انتصف النهار، وقد بعدوا عن مرو، فترجلوا ونصبوا خيامهم بجانب عين ماء في ظل الأشجار، ومكثوا للاستراحة، فاغتنم صالح تلك الفرصة وذهب إلى الدهقانة - وعندها ريحانة - وقال لها: «ينبغي أن نطلع خدمك الخصوصيين على الحقيقة، ونكتم الأمر عن الخدم الآخرين الذين هم في خدمة الدواب؛ كالسياس ونحوهم.»
قالت: «افعل ما تراه؛ فإني لا أدري ماذا أعمل.»
فخشي ضعفها فقال لها: «أراك قد ضجرت ونحن لا نزال في أول الطريق!»
قالت: «لم أضجر، ولكنني لا أزال أحسب نفسي في حلم من هول ما رأيته بالأمس، وأنا لم أذق نوما.»
قال: «نحن هنا في مأمن؛ فنامي واستريحي؛ لأن سفرنا طويل، وأما أنا فلا أنام حتى أدبر الأمر الآخر.»
قالت: «وأي أمر تعني؟»
قال: «أتظنين صالحا يغفل عن فرصة يغتنمها في سبيل ذلك؟» ثم حك لحيته وأصلح قلنسوته وقال: «نحن ساعون في قطع الشجرة من جذرها، ولكنني سأدبر حيلة ألقي بها الشقاق بين فروعها؛ أي بين أبي مسلم ونقبائه.»
قالت: «وكيف ذلك؟ وأي النقباء تعني؟»
قال: «أتعرفين سليمان بن كثير؟»
قالت: «أنت أخبرتني أنه كبير النقباء، وأنه قديم في هذه الدعوة.»
صفحه نامشخص