الفصل الثامن والثلاثون
شيبان وشبيب
فلما خلا شيبان بشبيب ومن ظل في الفسطاط من خاصته، انطلق لسانه بالترحاب وهش له، واستدناه حتى تماست ركبتاهما، وشيبان يقول: «بورك في الأمير شبيب. أرجو أن تكون قد نجحت وآن لنا الظهور.»
قال: «النجاح لا ريب فيه، بإذن الله، وببركة الأمير شيبان.» قال ذلك وأخرج خاتم أبي مسلم ودفعه إليه.
فبغت شيبان وتناول الخاتم وتفرس فيه، فلما عرفه تبسم والتفت إلى أمير بجانبه وقال: «هذا خاتم الشاب الخراساني، فما قولكم فيمن تمكن من الحصول عليه؟»
فأجاب أحد الأمراء قائلا: «ما الذي ينفعنا من خاتمه وهو معسكر أمامنا وقد اتحد مع هؤلاء اليمنية، وقبض على زمام أميرهم الكرماني بعد أن قتل أباه؟ فإذا اتحدا على صاحب مرو غلباه ولا فائدة من مقامنا هنا.»
فضحك شبيب غير ضحكة الضحاك ووجه خطابه إلى الأمير شيبان وهو يتربع في مجلسه، ويده اليمنى على ركبة شيبان، واليسرى يحك بها ذقنه، وقال: «لم أخط خطوة إلا وأنا حاسب لها حسابا، وأظنني أحسنت التدبير، وسأوضح لكم رأيي، فإذا بدا لكم تعديله أطعتكم فيه.» ثم التفت يمينا ويسارا كأنه يتأكد من خلو المكان من الغرباء أو الخدم، فابتدره شيبان قائلا: «قل. إننا في مأمن من العيون، وليس حولنا أحد نخشى منه على إفشاء سرنا.»
فقال شبيب: «لا يهمنا هذا الخاتم إن لم نقتل به ابن الكرماني الليلة أو غدا!»
فقال شيبان وهو يظهر الإعجاب والدهشة: «الليلة؟»
قال شبيب: «كنت أتوقع قتله الليلة، ولكنه في حال لا يبقى بها إلى ما بعد الغد.»
صفحه نامشخص