وكان لهذه الجمعية اليد الطولى في إعانة مجلس الإسكندرية البلدي على إنشاء متحف الآثار اليونانية الرومانية، فاستأجر لذلك في سنة 1892 دارا ذات خمس غرف في شارع باب رشيد لم تلبث حتى ازدحمت بالآثار، فأفرد لها في سنة 1895 جناحا في الدار الجديدة للمجلس وعمد إلى توسيعها شيئا فشيئا، ومنذ سنوات رأى أن يقيم للمتحف سرايا خاصة، وأقام مسابقة لعمارتها.
وكان المسيو جوزيبي بوتي أول مدير لدار الآثار اليونانية، فنشط للجمع والترتيب والتنظيم، ووضع أول كتالوج علمي للمتحف في مجلدين.
وخلفه في وظيفته الدكتور براشيا، وفي أيامه اتسعت دائرة الكشف عن الآثار، فألف لذلك جمعية اشترك فيها غير واحد، ليس فيهم من المصريين إلا أفراد يعدون على أصابع اليد الواحدة، وليس لهم شيء يذكر من مباحث الجمعية ومحاضراتها بالنسبة إلى غيرهم من الأجانب.
وللسنيور براشيا كتاب بديع اسمه «مصر والإسكندرية»، فصل في الثلث الأول منه حالة الإسكندرية أيام البطالسة، تقرؤه فكأنك تعايش القوم وتجول في مؤسساتهم العلمية والصناعية والأدبية والتجارية. وخصص الثلثين للكلام عن المتحف.
وطبعه في إيطاليا قبل الحرب طبعا فنيا؛ نسخة بالإنكليزية وأخرى بالفرنسوية.
وجرى ذكر هذا الكتاب في إحدى جلسات مجلس إسكندرية البلدي، فطلب أحد الأعضاء الوطنيين ترجمته إلى اللغة العربية، وعهد في ذلك إلى شابين مصريين، قضيا في العمل شهورا طويلة ثم ظهر أن الترجمة مليئة بالأغلاط، فكفوا «على الخبر ماجور» وحفظت الترجمة، ولا تزال حتى اليوم مقبورة في «الدوسيهات»!
وألف السنيور براشيا كتابا ثانيا عن حركة الآثار والمتحف من سنة 1926 إلى اليوم، وطبعه في إيطاليا.
مئات من الشبيبة المصرية المنورة تصطاف في الإسكندرية سنويا، وتنعم بمياه البحر في ذاك «البلاج» البديع و«الكابينات»، وتقضي سهراتها في «الكازينات» و«الكاباريهات» المختلفة مقامرة راقصة؛ فهل تظن أن هناك عشرة فكروا في زيارة المتحف أو الآثار أو قراءة كتب بوتي وبراشيا وريتي وجرانفيل والأب ملحه؟
الفصل الخامس عشر
وليم شكسبير
صفحه نامشخص