فالقرآن والسنة مصدران تشريعيان متلازمان. لا يمكن لمسلم أن يفهم الشريعة إلا إذا رجع إليهما معا، ولا غنى لمجتهد أو عالم عن أحدهما، ولا يجرؤ أن يدعى هذا أحد.
فقد فرض الله تعالى الصلاة على المؤمنين، من غير أن يبين أوقاتها وأركانها وعدد ركعاتها. فبين الرسول الكريم هذا بصلاته، وتعليمه المسلمين كيفية الصلاة، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» (1)، وفرض الله - عز وجل - الحج من غير أن يبين مناسكه، وقد بين الرسول الأمين كيفيته، وقال: «خذوا عنى مناسككم» (2). وقد فرض الله تعالى الزكاة من غير أن يبين ما تجب فيه من أموال وعروض وزروع، كما لم يبين النصاب الذي تجب فيه الزكاة من كل، وأوكل بيانه للرسول الكريم الذي أوضحه وفصله بسنته، وغير ذلك من الأحكام التي بينتها السنة.
لهذا كله رأينا الصحابة يلتفون حول الرسول - صلى الله عليه وسلم - يشاهدون بعيونهم، ويسمعون بآذانهم وتعي قلوبهم، ويتمسكون بسنته - صلى الله عليه وسلم -، ولا يفرقون بين ما جاء في القرآن وما جاء في السنة، وقد امتثل الصحابة لأوامر الله - عز وجل - ورسوله، ونفذوها مخلصين، وحموا الشريعة بالمال والدماء، في حياته - صلى الله عليه وسلم - وبعد وفاته.
وحافظوا على الكتاب الكريم والسنة الشريفة وأبوا أن يكونوا ذك الرجل الذي ينطبق عليه قوله - عليه الصلاة والسلام -: «يوشك الرجل متكئا على أريكته، يحدث بحديث من حديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله» (3) بل وقفوا من
صفحه ۲۵