ابوحنیفه و ارزشهای انسانی در مذهب او
أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه
ژانرها
وبعد ذلك كله، آن لنا أن نأخذ مما نقله الخطيب من هذه الطعون في أبي حنيفة وذمه، وهو شيء كثير،
5
دليلا على أنه كان حقا صاحب طريقة ومذهب يعتبر جديدا في الفقه؛ فإن كثيرا من هذه الطعون يقوم على رفضه كثيرا من الأحاديث والآثار، وجنوحه إلى الرأي والقياس، وهذا ما اعتبره معاصروه ومن إليهم طريقة أو مذهبا جديدا في الفقه واستنباط أحكامه.
فإنه ليروى أنه خالف مائتي حديث، بل يذكر يوسف بن أسباط أنه رد على رسول الله
صلى الله عليه وسلم
أربعمائة حديث أو أكثر، ويصرح بعضهم بأن أمر الناس كان مستقيما حتى ظهر أبو حنيفة بالكوفة، وعثمان البتي بالبصرة، وربيعة بن عبد الرحمن بالمدينة، فقالوا بالرأي، فضلوا وأضلوا. وسيجيء الرد عن هذه التهمة في موضعه إن شاء الله تعالى، وحينئذ يتبين أنه لا أساس لها.
على أنه من الأمانة في البحث أن نذكر أن «شاه ولي الله الدهلوي» يقول عن أبي حنيفة ومذهبه ما ننقله حرفيا عنه:
6 «كان أبو حنيفة رضي الله عنه ألزمهم بمذهب إبراهيم النخعي وأقرانه، لا يجاوزه إلا ما شاء الله، وكان عظيم الشأن في التخريج على مذهبه، دقيق النظر في وجوه التخريجات، مقبلا على الفروع أتم إقبال. وإن شئت أن تعلم حقيقة ما قلنا، فلخص أقوال إبراهيم وأقرانه من كتاب الآثار لمحمد رحمه الله، وجامع عبد الرزاق، ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة، ثم قايسه بمذهبه تجده لا يفارق تلك الحجة إلا في مواضع يسيرة، وهو في تلك اليسيرة أيضا لا يخرج عما ذهب إليه فقهاء الكوفة.»
وإذا، فأبو حنيفة - في رأي ولي الله الدهلوي - ليس له من فضل في بناء المذهب الذي ينسب إليه إلا فيما يتصل بخريج المسائل ووجوه هذا التخريج، وذلك على أصول مذهب النخعي الذي عرفه عن شيخه حماد بن أبي سليمان، ثم بالمهارة في التفريع على هذه الأصول؛ وذلك كله ليكون مذهبا قابلا للتطبيق، ووافيا بحاجات الحياة العملية المتجددة دائما في كل زمان ومكان.
ونحن من جانبنا نرى أن في هذا القول غمطا كبيرا لقيمة أبي حنيفة في تشييد المذهب الذي عرف به، والأدلة على هذا نراها قاطعة وملموسة، إذا ما أجلنا النظر في كتب الإمام محمد بن الحسن التي دون فيها هذا المذهب، وهي كتب «ظاهر الرواية» المعروفة، والتي تسمى أيضا بكتب الأصول، وكتب أو مسائل النوادر.
صفحه نامشخص