ابوحنیفه و ارزشهای انسانی در مذهب او
أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه
ژانرها
وحدث أن دخل على الخليفة المهدي، بعد أن ولي الخلافة بعد أبي جعفر المنصور، فسلم عليه تسليم العامة (يظهر أنه لم يلقبه بخليفة المسلمين)، فأقبل عليه بوجه طلق، وقال: تفر ها هنا وها هنا، أتظن أن لو أردناك بسوء لم نقدر عليك، فما عسى أن نحكم الآن فيك؟ فقال سفيان: إن تحكم الآن في، يحكم فيك ملك قادر عادل يفرق بين الحق والباطل. فقال الربيع مولى الخليفة: ألهذا الجاهل أن يستقبلك بهذا؟ ايذن لي بضرب عنقه، فقال المهدي: ويلك! اسكت، وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن نقتلهم فنشقى بسعادتهم، اكتبوا عهده على قضاء الكوفة؛ ولكن «سفيان» رفض هذا العمل لهذه الدولة، ورمى بالكتاب في دجلة وهرب. فطلب فلم يقدر عليه، وظل متواريا حتى مات بالبصرة عام 161ه.
11 (4)
وأبو حنيفة نفسه ناله أذى شديد في أيام الأمويين، ثم في أيام العباسيين، وربما كان السبب الحقيقي لذلك، أن ميله كان لأحد العلويين الذي خرج على العباسيين، وهو إبراهيم بن عبد الله، فإنهم ليذكرون أنه أعانه في خروجه.
ومن هذه الأمثلة الأخرى، نلمس أن الفقهاء، وبجانبهم المحدثون القوام على سنة الرسول
صلى الله عليه وسلم ، كانوا في هذا العصر - الذي ينفرد فيه بالحكم أسرة معينة؛ بل فرد من أسرة - يشعرون بواجبهم في إقامة الحق، ويعملون على أن يقوموا بهذا الواجب مهما نالهم في هذا السبيل من أذى الخلفاء وعنت الأمراء والولاة أحيانا غير قليلة.
فمنهم من يخرج مع الخارجين عليهم، ومنهم من يعظهم فلا يبالي أيسخطون عليه أم يرضون عنه، ومنهم من يرفض أن يشاركهم في بعض أعمالهم مخافة أن يصيبه جانب من غضب الله لمخالطة الظلمة وعونه لهم.
وهكذا نرى القراء والمحدثين والفقهاء يحاولون أن يجعلوا لأنفسهم سلطة مقابل سلطة الخلفاء ومن إليهم، حينما رأوا منهم استبدادا لا يتفق والمنهج الإسلامي الرشيد في الحكم وولاية أمور المسلمين، وصار يجري على ألسنة الناس أحاديث تروى عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
تؤكد هذه الروح وتقويها؛ وذلك مثل: «صنفان من أمتي إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس: الأمراء والفقهاء.» «العلماء أمناء الرسول على عباد الله، ما لم يخالطوا السلطان، فإذا فعلوا ذلك فقد خانوا الرسول فاحذروهم واعتزلوهم.» ومن ثم أيضا، قيل: العلماء ورثة الأنبياء.
الموالي والفقه
صفحه نامشخص