س:
ولكن ما هو رأي الحكومة إزاء ما يروونه من احتمال تغيير حالة السودان قبل الوصول إلى المفاوضات، وهل هي تنوي السكوت على هذه الحالة الجديدة؟
ج:
احتفظت الحكومة الإنكليزية بمسألة السودان - كما احتفظت بغيرها من المسائل - وأشارت إلى أن معنى ذلك الاحتفاظ هو أن هذه المسائل تبقى على ما كانت عليه حتى يجيء دور المفاوضات، فلا محل لتوقع أي تغيير في حالة السودان قبل ذلك الدور.
وما دامت المفاوضة ستجرى حرة خالية من كل قيد، فكل ركن من أركان المسألة سيتناوله البحث والتمحيص.
ولقد جرى لي مع فخامة المندوب السامي البريطاني حديث في هذا الشأن، وكنا على اتفاق أنه مهما كانت نظرية كل فريق فإنه لن يحدث من أحد الجانبين أي تغيير في حالة السودان أو بت في شأنه، بل يجب بقاء القديم على قدمه حتى يجيء دور المفاوضات بين الحكومتين المصرية والإنكليزية، وقد صرحت الحكومة الإنكليزية بذلك أخيرا في مجلس النواب البريطاني بلسان أحد وزرائها، وعلى ذلك فلا محل لإثارة البحث في هذا الموضوع الآن.
وعندي أن مسألة السودان مسألة متشعبة الوجوه، ومن مصلحة القضية المصرية أن يكون البحث فيها شاملا لجميع أطرافها في وقت واحد، وهذا لا يتيسر إلا وقت المفاوضة حيث تلتقي الوجهتان المصرية والإنكليزية بصفة تامة واضحة، وأرجو أن لا يتعذر إذ ذاك الوصول إلى حل مرض. ثم إن لهذه المسألة - كما لغيرها من المسائل المحتفظ بها - من الأهمية الكبرى والدقة ما يقضي بإشراف الهيئة النيابية على المفاوضة بشأنها. (11) خطبة ثروت باشا في لجنة الدستور
حضرة صاحب الدولة، وحضرات الأعضاء المحترمين
إني باسم حكومة جلالة الملك المعظم فؤاد الأول أحييكم في هذا الاجتماع الذي هو أول اجتماع للجنتكم الموقرة، كما أحيي فيكم الغيرة الوطنية والرغبة الصادقة في خدمة بلادكم العزيزة؛ إذ قبلتم أن تشاركوا الحكومة في مهمة وضع مشروع الدستور للمملكة المصرية بعد إعلان استقلالها.
إن الحكومة أيها السادة تقدر كل التقدير خطورة المهمة التي وكلت إليها من جانب مليك البلاد، وتعلم حق العلم عظيم مسئوليتها عن حسن القيام بها أمام ضميرها وأمام الأمة والتاريخ. كذلك تعلم أن مهمة وضع دستور للبلاد لا يكفي في أدائها على الوجه الصالح أن ينقل ما وضع لغيرها من البلاد بغير تمحيص وتدقيق، بل يجب أن تلاحظ في تقرير أحكام هذا الدستور تقاليد البلاد المحلية وعاداتها، ومختلف الاعتبارات الاجتماعية فيها، وأن يستفاد في وضع نصوصه من تجاريب الأمم الأخرى. كذلك أيها السادة لم تتردد الحكومة منذ طلبت إليها القيام بهذه المهمة في أن لا تستأثر في أدائها برأيها، وأن لا تكتفي في ذلك بما لرجالها من الخبرة الخاصة بحالة البلد وبالأنظمة العامة، بل صحت عزيمتها على الاستعانة في ذلك بخبرة ذوي الكفاءات من أبناء البلاد.
صفحه نامشخص