والآن بعدما أجلت قلمي الضعيف جولة في هذا الميدان الفسيح - مجال البطولة والفحولة - وسمته خوضة في ذلك الخضم العميق - عباب العظمة والهمة والرجولة - ألقي به في أكنان الراحة نضوا متعبا حسيرا من طول ما اصطك أثناء جولاته بهضاب تلك العبقرية الباذخة، وجبال تلك البطولة الشامخة، وأطرح صحيفتي في يم التأليف ذلك الهائج المائج الثائر المضطرب لتلقى نصيبها من الطفو أو الرسوب وجزاءها من العطب أو السلامة.
لقد أمضيت برهة على هضاب جبل «أوليمب» - مجال الأبطال وملعب الآلهة (في أساطير اليونان) - أتأمل روائع آياتها وبدائع معجزاتها حتى أفعم قلبي جلالا وجمالا، وبهرني ذلك المشهد المهيب، فانحدرت نازلا وأنا أسبح بحمد الله عجبا وطربا، وأحمد الصانع البديع الذي يأبى كرمه وفضله أن يترك مقابح هذه الحياة وشوهاتها في أي عصر وبقعة، خالية من محاسن الرجولة، مقفرة من مفاخر العظمة والبطولة. (1) مشروع ملنر: مذكرة (1)
لكي يبنى استقلال مصر على أساس متين دائم يلزم تحديد العلاقات بين بريطانيا العظمى ومصر تحديدا دقيقا، ويجب تعديل ما تتمتع به الدول ذوات الامتيازات في مصر من المزايا وأحوال الإعفاء، وجعلها أقل ضررا بمصالح البلاد. (2)
ولا يمكن تحقيق هذين الغرضين بغير مفاوضات جديدة تحصل للغرض الأول بين ممثلين معتمدين من الحكومة البريطانية وآخرين معتمدين من الحكومة المصرية، ومفاوضات تحصل للغرض الثاني بين الحكومة البريطانية وحكومات الدول ذوات الامتيازات، وجميع هذه المفاوضات ترمي إلى الوصول إلى اتفاقات معينة على القواعد الآتية: (3)
أولا:
تعقد معاهدة بين مصر وبريطانيا العظمى تعترف بريطانيا العظمى بموجبها باستقلال مصر كدولة ملكية دستورية ذات هيئات نيابية، وتمنح مصر بريطانيا العظمى الحقوق التي تلزم لصيانة مصالحها الخاصة، ولتمكينها من تقديم الضمانات التي يجب أن تعطى للدول الأجنبية؛ لتحقيق تخلي تلك الدول عن تلك الحقوق المخولة لها بمقتضى الامتيازات.
ثانيا:
تبرم بموجب هذه المعاهدة نفسها محالفة بين بريطانيا العظمى ومصر، تتعهد بمقتضاها بريطانيا العظمى أن تعضد مصر في الدفاع عن سلامة أرضها، وتتعهد مصر أنها في حالة الحرب - حتى ولو لم يكن هناك مساس بسلامة أرضها - تقدم داخل حدود بلادها كل المساعدة التي في وسعها إلى بريطانيا العظمى، ومن ضمنها استعمال ما لها من الموانئ وميادين الطيران ووسائل المواصلات للأغراض الحربية. (4)
تشتمل هذه المعاهدة أحكاما للأغراض الآتية:
أولا:
صفحه نامشخص