أبحاث هيئة كبار العلماء
أبحاث هيئة كبار العلماء
ژانرها
الأحكام وأوضح النبي ﷺ المراد منها بفعله - فإن ذلك الفعل يكون واجبا بعينه وجوب المعنى الذي دلت عليه الآية، فلا يجوز العدول عنه لبدل آخر. ومعلوم أن ذلك منقسم إلى قسمين كما هو مقرر في الأصول:
الأول منهما: أن تكون القرينة وحدها هي التي دلت على أن ذلك الفعل الصادر من النبي ﷺ وارد لبيان نص من كتاب الله، كقوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ (١) فإن الآية تحتمل القطع من الكوع، ومن المرفق، ومن المنكب؛ لأن لفظ اليد قد يستعمل في كل ما ذكر، وقد دلت القرينة على أن فعله ﷺ الذي هو: قطعه يد السارق من الكوع وارد لبيان قوله تعالى: ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ (٢) فلا يجوز العدول عن هذا الفعل النبوي الوارد لبيان نص من القرآن لبدل آخر إلا بدليل يجب الرجوع إليه من كتاب أو سنة.
القسم الثاني من قسمي الفعل المذكور: هو أن يرد قول من النبي ﷺ يدل على أن ذلك الفعل الصادر منه ﷺ بيان لنص من القرآن؛ لقوله ﷺ: «صلوا كما رأيتموني أصلي (٣)» فإنه يدل على أن أفعاله في الصلاة بيان لإجمال الآيات التي فيها الأمر بإقامة الصلاة، فلا يجوز العدول عن شيء من تلك الأفعال الصادرة منه ﷺ لبيان تلك الآيات القرآنية إلا بدليل من كتاب أو سنة يجب الرجوع إليه، وكذلك قوله ﷺ: «لتأخذوا عني مناسككم (٤)» فإنه يدل على أن أفعاله في الحج بيان لإجمال آيات الحج، فلا يجوز العدول عن شيء منها لبدل آخر إلا لدليل يجب الرجوع إليه من كتاب أو سنة.
_________
(١) سورة المائدة الآية ٣٨
(٢) سورة المائدة الآية ٣٨
(٣) صحيح البخاري أخبار الآحاد (٧٢٤٦)، سنن الدارمي الصلاة (١٢٥٣) .
(٤) صحيح مسلم الحج (١٢٩٧)، سنن أبو داود المناسك (١٩٧٠)، مسند أحمد بن حنبل (٣/٣٣٧) .
1 / 44