الفصل الثالث: شهادة الزور
المبحث الأول: تعريف الزّور
الأصل في الزور، تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته، حتى يُخَيَّل إلى من يسمعه أو يراه أنه خلاف ما هو به.
والشرك قد يدخل في ذلك؛ لأنه محسّن لأهله حتى قد ظنُّوا أنه حق وهو باطل. ويدخل فيه الغناء؛ لأنه أيضًا مما يحّسنه ترجيع الصوت حتى يستحلّ سَامِعُهُ سَمَاعَه.
والكذب أيضًا: قد يدخل فيه؛ لتحسين صاحبه إياه حتى يظن صاحبه أنه حق.
فكل ذلك مما يدخل في معنى الزور؛ فإن كان ذلك كذلك فأولى الأقوال بالصواب ... أن يقال: إن الزور كل باطل سواء كان ذلك، شركًا، أو غناء، أو كذبًا، أو غيره، وكل ما لزمه اسم الزور؛ لأن الله عمّ في وصفه عباد الرحمن أنهم لا يشهدون الزور، فلا ينبغي أن يُخصّ من ذلك شيئًا إلا بحجة (١).
المبحث الثاني: الترهيب من الوقوع في شهادة الزور
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لله وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَالله أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ الله كَانَ بِمَا