A Matter of a Hanafi Man Marrying a Young Girl with Her Mother's Guardianship - Part of 'Al-Mu'allimi's Works'
مسألة في رجل حنفي تزوج صغيرة بولاية أمها - ضمن «آثار المعلمي»
پژوهشگر
محمد عزير شمس
ناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٤ هـ
ژانرها
الرسالة السادسة والثلاثون
مسألة في رجل حنفي تزوَّج صغيرة بولاية أمها
18 / 551
الحمد لله.
مولانا السيد محمد مخدوم الحسيني مفتي المدرسة النظامية، وفَّقه الله وإياي لما فيه رضاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وصل السؤال الذي ذكرتم فيه: «ما قولكم في رجلٍ حنفي تزوج صغيرةً بولاية أمها ... إلخ».
فأقول: معلوم لديكم أن من مذهب الشافعي رحمه الله تعالى أن الزواج لا يصح إلّا بولي صحيح الولاية، وأن الأم لا تلي عقدَ ابنتها، وأن الحرة الصغيرة لا يزوِّجها إلا أبوها أو أبوه عند فقده. وهذا مشهور من مذهبه مستغنٍ عن النقل، ولكن لا بأس بنقل بعض كلامه.
جاء في كتاب «اختلاف العراقيين» للشافعي ما لفظه: «قال الشافعي ﵀: ولا يجوز نكاح الصغار من الرجال ولا من النساء إلّا أن يزوِّجهن الآباء، والأجداد إذا لم يكن لهنّ آباء فإنهم آباء. وإذا زوَّجهن أحدٌ سواهم فالنكاح مفسوخ.
ولا يتوارثان فيه وإن كبرا. فإن دخل عليها فأصابها فلها المهر، ويُفرَّق بينهما. ولو طلَّقها قبلَ أن يُفسَخ النكاح لم يقع طلاقه ولا ظهاره ولا إيلاؤه، لأنها لم تكن زوجةً قطُّ» («الأم» ج ٧ ص ١٤٧) (^١).
وقولكم: «فبلغتْ وولدتْ ولدًا» قد عُلِم جوابُه، وهو أنها لم تكن زوجةً قطُّ، فلا أثر لبلوغها ولا لتمكينها ولا لولادتها.
_________
(^١) (٨/ ٣٦٤) ط. دار الوفاء.
18 / 553
وقولكم: «فالآن تريد أمها وخالتها أن تفسخا نكاحها من زوجها» فجوابه أنكم قد عرفتم من كلام الشافعي أن هذا النكاح مفسوخ من أصله، أي باطل، لأنها لم تكن زوجة، ولو صحَّ النكاح لما كان للأم والخالة في مذهب الشافعي فسخُه، بل إن كان حقٌّ فهو للبنت نفسها أو لمن كانت له ولاية صحيحة عليها، فيما إذا كان المتزوج غير كُفءٍ بشرطه.
وأما قولكم: «والزوج الحنفي يقول: إن النكاح صحَّ ولزم في مذهب الأحناف»، فجوابه أنه إن كان قد قضى قاضٍ معتبر بصحة هذا النكاح فقد صح ولزم، لما تقرر في الأصول أن الاجتهاد لا يُنقَض بالاجتهاد، وأن حكم الحاكم يقطع الخلاف، واستثنوا صورًا ليس هذا منها فيما ظهر. وإن لم يكن قضاء فلا يخلو العالم الشافعي أن يكون قاضيًا أو مفتيًا، فأما القاضي فإنه يقضي بمذهبه، ولا يلتفت إلى مذهب الخصوم كما لا يخفى عليكم. وأما المفتي الشافعي إذا سُئل عن هذه المسألة فجوابه أنه إذا كان المتزوج والأم والبنت كلهم حنفيون، وكان عمل الزوج والأم بمقتضى مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى= فقد صح النكاح لأجل التقليد.
ثم إذا أريد إبطالُ النكاح بعد ذلك تقليدًا للشافعي، فإن كان قد قضى قاضٍ بصحة النكاح فلا يجوز الإبطال، وإلا فإن كان المريد لذلك الأم وحدها فلا أثر لها، وإن اتفق المتزوج والبنت معًا على تقليد الشافعي لإبطال النكاح ففي المسألة خلاف، والراجح عند المتأخرين جواز مثل ذلك بشرط عدم التقليد. قال في «التحفة»: «ولا ينافي ذلك قول ابن الحاجب كالآمدي: «من عمل في مسألة بقول إمام لا يجوز له العمل فيها بقول غيره اتفاقًا»، لتعين حمله على ما إذا بقى من آثار العمل الأول ما يلزم عليه مع
18 / 554
الثاني تركّبُ حقيقةٍ لا يقول بها كلُّ من الإمامين ... ثم رأيت السبكي في الصلاة من «فتاويه» ذكر نحو ذلك مع زيادة بسط فيه، وتبعه عليه جمعٌ فقالوا: إنما يمتنع تقليد الغير بعد العمل في تلك الحادثة نفسها لا مثلها، أي خلافًا للجلال المحلي، كأن أفتى ببينونة زوجته في نحو تعليق، فنكح أختها، ثم أفتى بأن لا بينونة، فأراد أن يرجع للأولى ويُعرِض عن الثانية من غير إبانتها». («التحفة» بهامش حواشي الشرواني ج ١ ص ٤٨ - ٤٩).
ومراده بقوله: «من غير إبانتها» أي من غير قطع زوجيتها، يريد أنه رجع للأولى وأعرض عن الثانية، مع عزمه أن يرجع لها عندما يريد، فإنه في هذه الصورة قد اعتقد أن كلتا الأختين زوجة له في وقتٍ واحد. وهذا مبيَّن في «النهاية» وحواشيها و«فتاوى الرملي» و«حواشي التحفة»، فلا نطيل بالنقل.
والحاصل أن المتزوج والبنت في مسألتنا إذا اتفقا على تقليد الشافعي لإبطال النكاح صحَّ، إذ لا تلفيق ههنا. فإما إذا انفرد أحدهما بإرادة التقليد ليبطل النكاح، فإن كانت الزوجة هي المريدة فليس لها ذلك، قياسًا على قولهم: «لو زوجه الحاكم مجهولة النسب ثم استلحقها أبوه ... وإن لم تكن بينة، وصدقته الزوجة فقط= لم ينفسخ النكاح لحقّ الزوج ...». («النهاية» ج ٥ ص ٢٠٧).
ويجري هذا التفصيل كله فيما إذا كان الزوج أو الأم أو أحدهما شافعيين والبنت حنفية تبعًا لأبيها، واتفق الزوج والأم عند العقد على تقليد أبي حنيفة رحمه الله تعالى. وكذا إذا كانت البنت شافعية تبعًا لأبيها، ولكن أفتى مفتٍ معتبر بجواز تزويجها تقليدًا لأبي حنيفة ﵀ لمصلحة محققة لها، وتصير البنت حنيئذٍ حنفيةً في هذه المسألة، فيطلب الحكم من
18 / 555
مذهب أبي حنيفة ﵀. وهذا مأخوذ من فتوى جماعة من متأخري الشافعية بجواز إنكاح غير الأب والجد الصغيرةَ، وخالفهم آخرون فقالوا: لا يجوز التقليد في ذلك، وإذا جوزنا التقليد فلابدّ من مراعاة مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى. ومن ذلك أن لا يكون المتزوج غير كفءٍ، وإلا لم يصحّ (^١).
_________
(^١) إلى هنا انتهى الأصل.
18 / 556