A Glimpse of the Eloquence in Surah Yusuf in the Quran
غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن
ناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
محل انتشار
عمان
ژانرها
(باكين)؛ لإفادة تجديدهم للبُكاءِ شيئًا بعد شيء، وهو ما يُسمَّى حكاية الحال الماضية لاستحضارِها في النُّفوس، وهذا هو سِرُّ الإعراض عن اسم الفاعل، فهناك فرق في الخطاب بين الاسم والفعل، إذ أنَّ الفعل يفيد التَّجدُّد، والاسم يفيد الثُّبوت.
﴿قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ﴾ نَعْدُو ونجري ونتسابق ﴿وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا﴾ عند ثِيابِنَا وطعَامِنا وحوائجِنَا ليَحْفَظَها ﴿فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ فجاءَ الذِّئبُ فَأكَلَهُ، ولو قالوا: فافْتَرسَهُ الذِّئبُ، لبَقِي مِنْهُ شيءٌ يَسْتَطِيعُ أبوهُم أنْ يُقِيمَ الدَّليلَ عليه، ولكن ﴿فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ يَعْني: لم يُبْقِ منه شيئًا ولم يَذَر.
ويَكَادُ المُرِيبُ يَقُولُ خُذُونِي ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (١٧)﴾ أي وما أنت بِمُصَدِّقٍ لنا فيما نَقُولُهُ لك، ولو كُنَّا في الواقِعِ صادِقِينَ.
وتُحْمَل (لو) في الآية بمعنى (إنْ) الواقعة للجزاء، فإنَّك تقول: أنت لا تُكْرِمُني ولو أَكْرمتك، تريد (وإنْ)، وعلى ذلك فالمعنى: وما أنْتَ بمؤمنٍ لنا وإنْ كُنَّا صادقين.
من بديع القرآن التَّنكيت
نلاحظ في قول الله تعالى حكاية عن أولاد يعقوب: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ﴾ أنَّه لم يقل: (بمصدِّق)، أو كلمة سواها، فلا يوجد كلمة تحلُّ محلّها، وإنَّما خصَّ سبحانه ﴿بِمُؤْمِنٍ﴾ بالذِّكر دون بمصدِّق؛ لأجل نكتة في المذكور ترجَّح مجيئه على سواه، وذلك لما في الإيمان من الزِّيادة في المعنى على التَّصديق، وهذا يُعْرَفُ في علم البديع بالتَّنكيت، وهو أن تقصد لفظًا دون لفظٍ لمعنى من المعاني، ولولا ذلك لكان الكلامُ عُرْضَةً للنَّقد.
ففي لفظة ﴿بِمُؤْمِنٍ﴾ من المعنى ما ليس في (مصدِّق)، وذلك أنَّ (مصدِّق)
1 / 38