A Glimpse of the Eloquence in Surah Yusuf in the Quran
غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن
ناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
محل انتشار
عمان
ژانرها
يَعْقُوبُ - ﵇ - يُعِبِّرُ رُؤيَا يُوسُفَ
﴿قَالَ﴾ يعْقُوبُ - ﵇ - لابنِهِ يُوسُفَ بِلِسَانِ التَّحَبُّبِ والشَّفَقَةِ والنُّصحِ والنَّهي والتَّحذيرِ: ﴿يَابُنَيَّ﴾ تصغير (ابن) للتَّحبُّب، وأضافه لنفسه للغرض نفسه ﴿لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ﴾ هذه ﴿عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ فَيَحْتَالوا لإهلاكِكَ حِيلَة؛ حسَدًا لعِلْمِهِم بتأويلها من أنَّهُم الكواكب وأبواك الشَّمس والقمر.
ويبدو أنَّه - ﵇ - كان يَعْرِف قُدْرَة أبنائِهِ على تأويل مثل هذه الرؤيا، ويظهر أيضًا أنَّه كان يَعْلَمُ كَراهَتهم لِيُوسُفَ وبُغْضَهُم لِعِشْرَتِهِ. وأظُنُّهُ - ﵇ - قَالَ هذا الكلام لِيُوسُفَ والفَمُ يَسِيلَ مَرَارَةً وأسىً؛ فالواجِبُ ألَّا يَكُونَ بَيْنَ الإخوةِ أدنى شَحْناء ولا أقلَّ بَغْضاء، ولكن هكذا كان؛ لأمْرٍ يَعْلَمُهُ اللهُ تعالى.
وكان يَعْقُوبُ - ﵇ - يَعْلَمُ أنَّ نُصْحَهُ وتَحْذِيرَهُ ليُوسُفَ لا يُثِيرُ في نَفْسِهِ كَراهَةً لإخوتِهِ؛ لأنَّهُ وَاثِقٌ من صَفَاءِ سَرِيرتِهِ ونَقَاءِ قَلْبِهِ وَرُجْحَانِ عَقْلِهِ ونفاذِ بَصِيرتِهِ، ولذلِكَ عَقَّبَ كلامَهُ بِقَولِهِ: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥)﴾ ظَاهِر العَدَاوة كما فَعَلَ بآدَمَ ﵇ وحوَّاء؛ ليَعْلَمَ يُوسُفُ أنَّهُ ما حَذَّرَه مِن إخْوَتِهِ، وإنَّما حَذَّرَهُ من نَزْغِ الشَّيطانِ في نُفُوسِهِم، فَقَولُه واقِعٌ موقع التَّعليلِ للنَّهي عن قَصِّ الرُّؤيا على إخوتِهِ.
ثُمَّ بيَّن لهُ بَعْدَ النُّصْحِ تأْويلَهَا وتفْسِيرَهَا، قائلًا: ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ﴾ فَهَذِهِ الرُّؤيا تَدلُّ على أنَّ اللهَ تعالى سَيَصْطَفِيكَ ويَخْتارُكَ ويَخُصُّكَ بالنُّبُوَّةِ ﴿وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ وتَدُلُ على أنَّ اللهَ تعالى سَيُعَلِّمُكَ تَعْبِيرَ بَعْضِ الرُّؤى المناميَّة ﴿وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ﴾ بالنُّبُوَّةِ، فتَكون نبيًّا ورَسُولًا ﴿... كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ﴾ وهُمَا جَدَّاكَ ﴿إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ﴾ فجَعَلهما نَبِيَّينِ ﴿إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ﴾ بِمَن هُوَ أَهْلٌ للاجْتِبَاءِ ﴿حَكِيمٌ (٦)﴾ يَضَعُ الأشْيَاءَ مواضِعَها.
فكانَتْ تِلْكَ بِشارة من الله تعالى لِيُوسُفَ في المنام، وبِشَارة له من يَعْقُوبَ - ﵇ - في اليَقَظَةِ، وقَد وَقَعَ ما بشَّرَ بِهِ يَعْقُوبُ ولَدَهُ حَرْفًَا بِحَرْفٍ.
* * *
1 / 28