سلسلة إيمانيات

Muhammad Hassan d. Unknown
85

سلسلة إيمانيات

سلسلة إيمانيات

ژانرها

جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق ولما تولى الخلافة من بعده ﷺ -وهي المرحلة الثانية- أبو بكر الصديق ﵁، وقامت جيوش أهل الردة تريد أن تدمر الأخضر واليابس، وجيَّش الصديق رضوان الله عليه لقتال أهل الردة جيوشًا؛ شاء الله ﷾ في أخطر هذه المعارك على الإطلاق، ألا وهي معركة اليمامة في العام الثاني عشر من هجرة النبي ﷺ، التي كانت بين المسلمين وبين الكذاب مسيلمة؛ أن يقتل في معركة اليمامة عدد كبير جدًا من القراء، أي: ممن كانوا يحفظون كتاب الله ﷾. وجاء عمر بن الخطاب ﵁ فزعًا إلى أبي بكر ﵁ فقال: (يا خليفة رسول الله! أدرك كتاب الله ﷿، اجمع القرآن؛ فلقد قتل جمع كبير من القراء، وأخشى أن يضيع القرآن)، فتردد الصديق؛ لأن الصديق رضوان الله عليه كان أشد الناس اتباعًا للنبي ﷺ، وقال: كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول الله؟! كيف أجمع القرآن في صحف واحدة؟ عمر بن الخطاب ذلكم الرجل الملهم، الذي آتاه الله بصيرة، بل هو الذي وافق الله ﷾ في كثير من آيات القرآن. ونزل القرآن موافقًا لقول عمر لا لرأيه، بل لقوله بتمامه، فمثلًا: قال عمر بن الخطاب يومًا: يا رسول الله! فلنتخذ من مقام إبراهيم مصلى؛ فنزل قول الله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة:١٢٥] . والشاهد أنه حتى بنفس الكلمات التي يقولها عمر رضوان الله عليه تتنزل آيات القرآن الكريم، فأشار عمر بن الخطاب على أبي بكر ﵁ فقال: يا خليفة رسول الله! اجمع القرآن. لكنه تردد قال الصديق: فظل عمر بن الخطاب ﵁ يراجعني حتى شرح الله صدري لما شرح له صدر عمر. والحديث في صحيح البخاري. فأرسل أبو بكر ﵁ إلى كاتب سيدنا رسول الله ﷺ، ألا وهو زيد بن ثابت ﵁. اسمع ماذا قال الصديق لـ زيد، قال: (يا زيد! إنك رجل شاب عاقل، لا نتهمك)، انظر إلى هذا التعبير: (إنك رجل شاب) هو شاب، لكنه قدم صفة الرجولة، ليعلم شبابنا أن أصحاب النبي ﷺ كانوا من الشباب، والصديق حينما أسلم كان في الثامنة والثلاثين من عمره؛ لأن الرسول أوحي إليه في الأربعين، أما عمر بن الخطاب والأرقم بن أبي الأرقم وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت والزبير بن العوام وعلي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وغيرهم وغيرهم فقد كانوا في ريعان الشباب، لكنهم كانوا رجالًا. فـ الصديق يقول لـ زيد: (يا زيد (إنك رجل)؛ هذه واحدة، (شاب عاقل لا نتهمك)، أي: أنت عندنا عدل ثقة، (فتتبع القرآن فاجمعه) . وانظر إلى هذا الرجل الذي يعرف قدر المسئولية وثقل الأمانة، قال زيد رضوان الله عليه: (والله لو كلفوني نقل جبل لكان أيسر علي مما كلفوني به من جمع القرآن) أمانة ثقيلة لا يعرف قدرها إلا الرجال، ولكن: على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم وإذا كانت النفوس كبارًا تعبت في مرادها الأجسام وبدأ زيد بن ثابت رضوان الله عليه في جمع القرآن الكريم من العسب -جمع عسيب، وهو جريد النخل- واللخاف وصدور الرجال، ومن المواضع التي وجدت عليها آيات القرآن الكريم في عهد نبينا ﷺ، وجمع القرآن الكريم كله في صحف، وهذه هي المرحلة الثانية. ثم انتقلت الصحف إلى أبي بكر ﵁، إلى أن توفي الصديق، فانتقلت الصحف إلى بيت الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ﵁، وظلت الصحف في بيت عمر، ثم توفي عمر ﵁، فانتقلت الصحف بهيئتها وحالتها إلى بيت حفصة زوج سيدنا رسول الله ﷺ، ابنة سيدنا عمر ﵄.

8 / 9